195

تأويل مختلف الحديث

الناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

رقم الإصدار

الطبعة الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هجري

وَإِنْ كَانَتِ الْكِلَابُ مِنَ الْجِنِّ، أَوْ كَانَتْ مَمْسُوخًا مِنَ الْجِنِّ، فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْأَسْوَدَ مِنْهَا شَيْطَانُهَا، فَاقْتُلُوهُ لِضُرِّهِ، وَالشَّيْطَانُ هُوَ: مَارِدُ الْجِنِّ. وَالْجِنُّ هُمُ الضَّعَفَةُ، وَالْجِنُّ١ أَضْعَفُ مِنَ الْجِنِّ. وَأَمَّا قَتْلُهُ كِلَابَ الْمَدِينَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ نَقْضٌ لِقَوْلِهِ: "لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا"، لِأَنَّ الْمَدِينَةَ فِي وَقْتِهِ ﷺ مَهْبِطُ وَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَلَائِكَتِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَة، رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " قَالَ لِي جِبْرِيلُ ﵇: لَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْكَ الْبَارِحَةَ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى بَابِ بَيْتِكَ سِتْرٌ، فِيهِ تَصَاوِيرُ، وَكَانَ فِي بَيْتِكَ كَلْبٌ، فَمُرْ بِهِ، فَلْيَخْرُجْ" ٢. وَكَانَ الْكَلْبُ جَرْوًا لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمْ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا كَمَا تُكْرَهُ الْكِلَابُ فِي الْبُيُوتِ، تُكْرَهُ أَيْضًا فِي الْمِصْرِ. فَأَمَرَ النَّبِيَّ ﷺ بِقَتْلِهَا، أَوْ بِالتَّخْفِيفِ مِنْهَا، فِيمَا قَرُبَ مِنْهَا، وَأَمْسَكَ عَنْ سَائِرِهَا، مِمَّا بَعُدَ مِنْ مَهْبِطِ الْمَلَائِكَةِ وَمَنْزِلِ الْوَحْيِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: النضد٣ السرير، لِأَن الثِّيَاب تنضدد فَوْقه.

١ وَفِي نُسْخَة: والجان أَضْعَف من الشَّيْطَان. ٢ أخرجه مُسلم: لِبَاس ٨١، وَأحمد ٢/ ٤٧٨. ٣ النضد: مَا نضد من مَتَاع، أَو خِيَار الْمَتَاع. ونضد مَتَاعه ينضده جعل بعضه فَوق بعض. "الْقَامُوس الْمُحِيط".

1 / 209