تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
قَالُوا: حَدِيثٌ يُفْسِدُ أَوَّلُهُ آخِرَهُ
٢٣- الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل:
الوا: رُوِّيتُمْ "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ، لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ"١.
وَنَهْيُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ لَا يُنْكَرُ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي التَّعَبُّدِ، فَلَمَّا وَصَلْتُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ، عِلِمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَعْلَمُ أَنَّ الْإِبِلَ خُلِقَتْ مِنَ الْإِبِلِ، كَمَا أَنَّ الْبَقَرَ خُلِقَتْ مِنَ الْبَقَرِ، وَالْخَيْلَ مِنَ الْخَيْلِ وَالْأُسْدَ مِنَ الْأُسْدِ، وَالذُّبَابَ مِنَ الذُّبَابِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ، وَغَيْرَ النَّبِيِّ، يَعْلَمُ أَنَّ الْبَعِيرَ تَلِدُهُ النَّاقَةُ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةٌ تَلِدُ جَمَلًا، وَلَا أَنَّ نَاقَةً تَلِدُ شَيْطَانًا.
وَإِنَّمَا أَعْلَمَنَا أَنَّهَا فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ خُلِقَتْ مِنْ جِنْسٍ، خُلِقَتْ مِنْهُ الشَّيَاطِين.
١ أخرجه التِّرْمِذِيّ: مَنَاقِب ١٤٢، وَالنَّسَائِيّ مَسَاجِد ٤١، وَابْن ماجة مَسَاجِد ١٢، والدارمي: صَلَاة ١١٢، وَأحمد ٣/ ٤٠٤-٤٠٥، ٤/ ٨٥، ٨٦، ١٥٠، ٣٠٣، ٥/ ٥٤، ٥٥.
وَقد ورد الحَدِيث بِلَفْظ: "صلوا فِي مرابض الْغنم، وَلَا تصلوا فِي أعطان الْإِبِل فَإِنَّهَا خلقت من الشَّيَاطِين " ابْن ماجة مَسَاجِد١٢.
وَفِي الزَّوَائِد: إِسْنَاد المُصَنّف فِيهِ مقَال. و"أعطان الْإِبِل" أَي مباركها حول المَاء.
قَالَ فِي النِّهَايَة؛ "لم ينْه عَن الصَّلَاة فِيهَا من جِهَة النَّجَاسَة فَإِنَّهَا مَوْجُودَة فِي مرابض الْغنم، وَقد أَمر بِالصَّلَاةِ فِيهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن الْإِبِل تزدحم فِي المنهل، فَإِذا شربت رفعت رؤسها، وَلَا يُؤمن من تقاربها وتفرقها فِي ذَلِك الْموضع فتؤذي الْمُصَلِّي عِنْدهَا، أَو تلهيه عَن صلَاته، أَو تنجسه برشاش أبوالها". وَهَذَا التَّعْلِيل أقرب للصَّوَاب، وَالله أعلم.
1 / 204