تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
وَكَيْفَ يُظَنُّ بِعُمَرَ ﵁ أَنَّهُ يَقِفُ فِي خِيَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَالَّذِينَ شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْجَنَّةِ، فَلَا يَخْتَارُ مِنْهُمْ، وَيَجْعَلُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَهُمْ، وَلَا يَتَخَالَجُهُ الشَّكُّ فِي تَوْلِيَتِهِ سَالِمًا عَلَيْهِمْ ﵁؟
هَذَا خَطَأٌ مِنَ الْقَوْلِ، وَضَعْفٌ فِي الرَّأْيِ.
وَلَكِنَّ عُمَرَ لَمَّا جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ، ارْتَادَ لِلصَّلَاةِ مَنْ يَقُومُ بِهَا أَنْ يَخْتَارُوا الْإِمَامَ مِنْهُمْ وَأَجَّلَهُمْ فِي الِاخْتِيَارِ ثَلَاثًا، وَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ١ ابْنَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ، فَذَكَرَ سَالِمًا فَقَالَ: لَوْ كَانَ حَيًّا، مَا تَخَالَجَنِي فِيهِ الشَّكُّ.
وَذَكَرَ الْجَارُودَ الْعَبْدِيَّ فَقَالَ: "لَوْ كَانَ أُعَيْمِشُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ حَيًّا، لَقَدَّمْتُهُ".
وَقَوْلُهُ: "لَقَدَّمْتُهُ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ فِي سَالِمٍ مِثْلَ ذَلِكَ، مِنْ تَقْدِيمِهِ لِلصَّلَاةِ بِهِمْ.
ثُمَّ أَجْمَعَ عَلَى صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ فَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ، إِلَى أَنْ يَتَّفِقَ الْقَوْمُ، على اخْتِيَار رجل مِنْهُم٢.
١ عبد الله بن عمر هَاجر مَعَ أَبِيه كَانَ إِمَامًا عَظِيم الْقدر شهد الخَنْدَق وبيعة الرضْوَان وَكَانَ مكثرًا من الحَدِيث إِمَامًا متينًا وَاسع الْعلم كثير الِاتِّبَاع كَبِير الْقدر عَظِيم الْحُرْمَة وافر النّسك كثير الْعِبَادَة توفّي سنة ٧٤هـ.
٢ وجدنَا فِي المخطوطة الَّتِي قابلنا عَلَيْهَا الْكتاب الزِّيَادَة التالية:
قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عبد الله بن مُسلم: إِنَّمَا جعل عمر صُهَيْب الرُّومِي إِمَامًا يُصَلِّي بهم إِلَى أَن يجمعوا على خلَافَة رجل مِنْهُم أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: الْأَئِمَّة من قُرَيْش، وَلَو جعل الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة إِلَى قُرَيْش يجوز لَهُ أَن يكون خَليفَة لقَالَ قوم: إِنَّه يجوز أَن يكون خَليفَة إِذْ كَانَ قرشيًا، وَكَانَ عمر قد اخْتَارَهُ للصَّلَاة، فَفعل عمر ذَلِك لِأَن لَا يَقُولُوا هَذَا.
1 / 192