تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
قَالُوا: حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ الْقُرْآنُ
١٧- مَفْهُومُ الْكُفْرِ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّهُ قَالَ ﵇: "مَنْ تَرَكَ قَتْلَ الْحَيَّاتِ مَخَافَةَ الثَّأْرِ فَقَدْ كَفَرَ" ١.
وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ ٢.
وَهَذَا إِنْ كَانَ ذَنْبًا، فَهُوَ مِنَ الصَّغَائِرِ، فَكَيْفَ نُكَفِّرُهُ٣؟ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ مَنْ زَنَى، وَمَنْ سَرَقَ إِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ"٤ ثُمَّ تَكْفُرُونَ بِتَرْكِ قَتْلِ الْحَيَّاتِ؟ وَفِي هَذَا اخْتِلَافٌ وَتَنَاقُضٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنحن نقُول: إِنَّه لَيْسَ هَهُنَا اخْتِلَافٌ وَلَا تَنَاقُضٌ.
وَلَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ لِتَرْكِ قَتْلِ الْحَيَّاتِ وَلَا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عَظِيمًا مِنَ الذُّنُوبِ، يَخْرُجُ بِهِ الرَّجُلُ إِلَى الْكُفْرِ.
وَإِنَّمَا الْعَظِيمُ، أَنْ يَتْرُكَهَا خَشْيَةَ الثَّأْرِ. وَكَانَ هَذَا أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ.
وَكَانُوا يَقُولُونَ إِن الْجِنّ تطلب بثأر الجان إِذا قتل.
١ وَجَدْنَاهُ بِلَفْظ: "من ترك الْحَيَّات مَخَافَة طلبهن فَلَيْسَ منا" أَبُو دَاوُد: أدب ١٦٢ ومسند أَحْمد ١/ ٢٣٠، ٣٤٨. ٢ سُورَة النِّسَاء: الْآيَة ٣١. ٣ وَفِي نُسْخَة: لَا يكفره. ٤ سبق تَخْرِيجه ص٤٩.
1 / 187