تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
أدخلاها، فَيُقَالُ مَا ذَنْبُهُمَا، وَلَكِنَّهُمَا خُلِقَا مِنْهَا، ثُمَّ رُدَّا إِلَيْهَا.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الشَّمْسِ -حِينَ غَرَبَتْ فِي نَارِ اللَّهِ الْحَامِيَةِ: "لَوْلَا مَا يَزَعُها مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَأَهْلَكَتْ مَا عَلَى الْأَرْضِ" ١.
وَقَالَ: "مَا تَرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ قَصْمَةً ٢ إِلَّا فُتِحَ لَهَا بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ، فَإِذَا قَامَتِ الظَّهِيرَةَ، فُتِحَتِ الْأَبْوَابُ كُلُّهَا ".
وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ شِدَّةَ حَرِّهَا مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ، وَلِذَلِكَ قَالَ ﵊:
"أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ" ٣.
فَمَا كَانَ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ رُدَّ إِلَى النَّارِ لَمْ يُقَلْ: إِنَّهُ يُعَذَّبُ.
وَمَا كَانَ مِنَ الْمُسَخَّرِ الْمَقْصُورِ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ، كَالنَّارِ، وَالْفُلْكِ الْمُسَخَّرِ الدَّوَّارِ٤، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، لَا يَقَعُ بِهِ تعذيبٌ، وَلَا يَكُونُ لَهُ ثوابٌ.
وَمَا مِثْلُ هَذَا إِلَّا مِثْلُ رَجُلٍ سَمِعَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ ٥ فَقَالَ: مَا ذَنْب الْحِجَارَة؟.
١أخرجه أَحْمد جـ٢ ص٢٠٧. ٢ مَا ترْتَفع: أَي الشَّمْس، والقصمة: الدرجَة. ٣ أخرجه البُخَارِيّ: كتاب ٩ بَاب ٩ و١٠ و١٢ وَكتاب ٥٩ بَاب ١٠. وَمُسلم: كتاب ٥ حَدِيث ١٨٠-١٨٧، وَأَبُو دَاوُد كتاب ٢ بَاب ٤، وَالتِّرْمِذِيّ: كتاب ٢ بَاب ٥، وَالنَّسَائِيّ كتاب ٦ بَاب ٤ و٥، وَابْن ماجة كتاب ٢ بَاب ٤. فوح: شدَّة الْحر. ٤ فِي نُسْخَة أُخْرَى: للدوران. ٥ سُورَة الْبَقَرَة: الْآيَة ٢٤.
1 / 166