تأويل مختلف الحديث

ابن قتيبة ت. 276 هجري
141

تأويل مختلف الحديث

الناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

رقم الإصدار

الطبعة الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هجري

الْعلم، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْمِائَةُ شَاةٍ، وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا" ١. فَغَدَا عَلَيْهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَكَذَا حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالُوا: وَهَذَا خِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ ﷿، لِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ لَهُ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ ". ثُمَّ قَضَى بِالرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ، وَلَيْسَ لِلرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ ذِكْرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلَيْسَ يَخْلُو هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا، أَوْ يَكُونَ حَقًّا. وَقَدْ نَقَصَ مِنْ كِتَابِ تَعَالَى، ذِكْرُ الرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: "لَأَقْضِيَنَّ بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله" هَهُنَا، الْقُرْآنَ وَإِنَّمَا أَرَادَ: "لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى" وَالْكِتَابُ يُتَصَرَّفُ على وُجُوه. مِنْهَا للْحكم، وَالْفَرْضُ، كَقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ ٢ أَيْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ ٣ أَي: فرض عَلَيْكُم.

١ أخرجه البُخَارِيّ: صلح ٥ وشروط ٩ وأيمان ٣ وحدود ٣٠ و٣٤ و٣٨ و٤٦ وَأَحْكَام ٣٩ وآحادًا واعتصام ٢، وَمُسلم: حُدُود ٢٥، وأو دَاوُد: أقضية ١١ وحدود ٢٤، وَالتِّرْمِذِيّ: أَحْكَام ٣، وَالنَّسَائِيّ: قَضَاء ٢٢، وَابْن ماجة: حُدُود ٧، والدارمي: مُقَدّمَة ٢٠ وحدود ١٢، والموطأ: حُدُود ٦. ٢ الْآيَة ٢٤ من سُورَة النِّسَاء. ٣ الْآيَة ١٧٨ من سُورَة الْبَقَرَة.

1 / 155