تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
فَهَذِهِ أَسْمَاءٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتِلْكَ أَسْمَاءٌ مَصْنُوعَةٌ.
وَقَدْ يَحْمِلُ بَعْضَهُمُ الْحَمِيَّةُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: الْجَبْرِيَّةُ، هُمُ الْقَدَرِيَّةُ.
وَلَوْ كَانَ هَذَا الْاسْمُ يَلْزَمُهُمْ، لَاسْتَغْنَوْا بِهِ عَنِ الْجَبْرِيَّةِ.
وَلَوْ سَاغَ هَذَا لِأَهْلِ الْقَدَرِ، لَسَاغَ مِثْلُهُ لِلرَّافِضَةِ، وَالْخَوَارِجِ، وَالْمُرْجِئَةِ، وَقَالَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ مِثْلَ الَّذِي قَالَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ.
وَالْأَسْمَاءُ لَا تَقَعُ غَيْرَ مَوَاقِعِهَا، وَلَا تَلْزَمُ إِلَّا أَهْلَهَا.
وَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ الصَّيَاقِلَةُ هُمُ الْأَسَاكِفَةُ، وَالنَّجَّارُ هُوَ الْحَدَّادُ.
وَالْفِطْرَةُ الَّتِي فُطِرَ الناسُ عَلَيْهَا، وَالنَّظَرُ، يُبْطِلُ مَا قَذَفُوهُمْ بِهِ١.
أَمَّا الْفِطَرُ، فَإِنَّ رَجُلًا لَوْ دَخَلَ الْمِصَرَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ فِيهِ، أَوِ الْمُرْجِئَةِ، لَدَلَّهَ الصَّبِيُّ وَالْكَبِيرُ، وَالْمَرْأَةُ وَالْعَجُوزُ، وَالْعَامِّيُّ وَالْخَاصِّيُّ، وَالْحَشْوَةُ وَالرَّعَاعُ، عَلَى الْمُسَمِّينَ بِهَذَا الْاسْمِ، وَلَوِ اسْتَدَلَّ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، لَدَلُّوهُ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.
وَلَوْ مَرَّتْ جَمَاعَةٌ فِيهِمُ الْقَدَرِيُّ، وَالسُّنِّيُّ، وَالرَّافِضِيُّ، وَالْمُرْجِئُ، وَالْخَارِجِيُّ، فَقَذَفَ رَجُلٌ الْقَدَرِيَّةَ، أَوْ لَعَنَهُمْ، لَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ بِالشَّتْمِ أَوِ اللَّعْنِ عِنْدَهُمْ، أَصْحَابَ الْحَدِيثِ. هَذَا أَمْرٌ، لَا يَدْفَعُهُ دَافِعٌ، وَلَا يُنْكِرُهُ مُنْكِرٌ.
وَأَمَّا النَّظَرُ، فَإِنَّهُمْ أَضَافُوا الْقَدَرَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ، وَغَيْرُهُمْ يَجْعَلُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، دُونَ نَفْسِهِ. وَمُدَّعِي الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ، أَوْلَى بِأَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ، مِمَّنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ.
وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَنَا: "بِأَنَّهُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ"٢ وهم أشبه قوم
١ قذفوهم: أَي رموهم. ٢ الحَدِيث: "إِن لكل أمة مجوسًا، وَإِن مجوس هَذِه الْأمة: الْقَدَرِيَّة، فَلَا تعودوهم إِن مرضوا، وَلَا تصلوا عَلَيْهِم إِن مَاتُوا" "الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة ص٥٠٢" وَفِي إِسْنَاده: جَعْفَر بن الْحَارِث، وَلَيْسَ بِشَيْء، وَله طرق أوردهَا صَاحب اللآلئ وَأطَال الْكَلَام، ورد على ابْن الْجَوْزِيّ حَيْثُ زعم أَنه مَوْضُوع فَليُرَاجع.
1 / 137