تأويل مختلف الحديث
الناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
فَرُبَّمَا حَضَرْتُ بَعْضَ مَجَالِسِهِمْ، وَأَنَا مُغْتَرٌّ بِهِمْ طَامِعٌ أَنْ أَصْدُرَ عَنْهُ بِفَائِدَةٍ، أَوْ كَلِمَةٍ تَدُلُّ عَلَى خَيْرٍ، أَوْ تَهْدِي لِرُشْدٍ.
فَأَرَى مِنْ جُرْأَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ ﵎، وَقِلَّةِ تُوَقِّيهِمْ، وَحَمْلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْعَظَائِمِ لِطَرْدِ١ الْقِيَاسِ أَوْ لِئَلَّا يَقَعَ انْقِطَاعٌ -مَا أَرْجِعُ مَعَهُ خَاسِرًا نَادِمًا.
وَقَدْ ذَكَرَهُمْ مُحَمَّدُ٢ بْنُ بَشِيرٍ الشَّاعِرُ، وَقَدْ أَصَابَ فِي وَصْفِهِمْ، حِينَ يَقُولُ:
دَعْ مَنْ يَقُولُ٣ الْكَلَامَ نَاحِيَةً ... فَمَا يَقُولُ الْكَلَامَ ذُو وَرَعِ
كُلُّ فَرِيقٍ بَدْوُهُمْ حَسَنٌ ... ثُمَّ يَصِيرُونَ بَعْدُ لِلشُّنَعِ
أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنْ يُقَالَ لَهُ ... لَمْ يَكْ فِي قَوْلِهِ بِمُنْقَطِعِ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ٤ بْنُ مُصْعَبٍ:
ترى الْمَرْء بعجبه أَنْ يَقُولَا ... وَأَسْلَمُ لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَقُولَا
فَأَمْسِكْ عَلَيْكَ فُضُولَ الْكَلَامِ ... فَإِنَّ لِكُلِّ كَلَامٍ فُضُولًا
وَلَا تَصْحَبَنَّ أَخَا بِدْعَةٍ ... وَلَا تَسْمَعَنَّ لَهُ الدَّهْرَ قِيلًا
فَإِنَّ مَقَالَتَهُمْ كَالظِّلَالِ ... يُوشِكُ أَفْيَاؤُهَا أَنْ تَزُولَا
وَقَدْ أَحْكَمَ اللَّهُ آيَاتِهِ ... وَكَانَ الرَّسُولُ عَلَيْهَا دَلِيلًا
وَأَوْضَحَ لِلْمُسْلِمِينَ السَّبِيلَ ... فَلَا تَتْبَعَنَّ٥ سِوَاهَا سَبِيلا
١ لَعَلَّ الْأَصَح: لاطراد الْقيَاس.
٢ مُحَمَّد بن بشير "الشَّاعِر": هُوَ قَاض أندلسي من أهل باجة كَانَ كَاتبا لأحد الوزراء وَحج وَلَقي مَالك بن أنس وَلما عَاد إِلَى الأندلس أصبح قَاضِيا وَبَقِي كَذَلِك إِلَى وَفَاته عَام ١٩٨هـ.
٣ وَفِي نُسْخَة "يَقُود" فِي الموضوعين.
٤ عبد الله بن مُصعب بن ثَابت بن عبد الله بن الزبير ولد بِالْمَدِينَةِ عَام ١١١هـ، وَولي الْيَمَامَة أَيَّام الْمهْدي العباسي ثمَّ الْهَادِي وَاعْتَزل بِبَغْدَاد فألزمه الرشيد بِولَايَة الْمَدِينَة ثمَّ أضيف إِلَيْهَا الْيمن، توفّي بالرقة عَام ١٨٤هـ.
٥ وَفِي نُسْخَة: "تبغينّ".
1 / 114