جامعة كبرى، وهو يجهل العربية ولا يعرف أي كتاب من كتب المسلمين بحث في الحج، وإنما جمع الأخبار من الصحف وأفواه العامة! وكتب في نظام الريّ في الغوطة وزعم أنه وفّى البحث وأتمَّه، وهو لا يعرف منه إلا ما أخبره به ثلاثة فلاحين لقيهم في قرية ذهب إليها، مع أن نظام الري في الغوطة لا يكاد يعرفه في دمشق إلا نفر قليل! وذاك الذي كان معلمًا أوليًا في بلده فصار عندنا مدير دار المعلمين العالية، فذهب مع طلابه إلى ظاهر دمشق، فمشى ينظر إلى جانبَي طريق الربوة هنا وهناك فوجد في الجبل أثرًا للماء، فقال: من أين جاء هذا الماء؟ لا بدّ أن يكون جاء من بردى، إذ لا ماء في دمشق إلا من بردى. فماذا تكون نتيجة «البحث العلمي» في هذه المسألة؟ هي أن بردى كان يصل إلى هنا؛ إذن فقد كان عرض بردى في الماضي أربعمئة متر! وانطلق يقرر دائمًا هذه الحقيقة!
* * *
وبعد يا أخي: فاعلم أن أثمن نعمة أنعمها الله عليك هي نعمة الإيمان، فاعرف قدرها واحمد الله عليها، وكن مع الله تَرَ الله معك، وراقب الله دائمًا واذكر أنه مطّلع عليك يَعْصِمْك من الناس ويُعِذْك من الشيطان ويوفقك إلى الخير (١).
وفي اللحظة التي تشعر فيها أن دينك وأخلاقك في خطر احزم
_________
(١) وقد عصمه الله ووفقه فعاد أفضل مما كان، ومَنَّ عليه فكان أول دكتور في الرياضيات في بلاد الشام كلها، وهو عبد الغني الطنطاوي، الأستاذ في كلية العلوم في جامعة دمشق.
1 / 58