صور وخواطر
الناشر
دار المنارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
العاشرة
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فجلست أصغي إلى أناشيد الصمت التي كانت تُسمَع من حولي باستمرار، فأجدها تملأ قلبي مرارةً وأسى. ثم رفعت رأسي فُجاءةً إلى التقويم فنظرت فيه وجمد بصري عليه. أمن الممكن هذا؟ أيحدث هذا كله في هدوء؟ يموت في هذه الليلة عامٌ ويولَد عام، يمضي الراحل بذكرياتنا وآلامنا وآمالنا إلى حيث لا يعود أبدًا، ويُقبل القادم فاتحًا ذراعيه ليأخذ قطعة من نفوسنا وقسمًا من حياتنا، ولا يعطينا بدلًا منها شيئًا. وهل الحياة إلا أعوام فوق أعوام؟ وهل النفوس إلا الذكريات واللذائذ والآلام؟
وجلست بين المأتم والمولد أفكر وأتذكر وأحلم. ولقد تعودّت أن أجلس هذه الجلسة كلما تصرّم عام، أُصفّي حسابي مع الحياة، أنظر ماذا أخذَتْ وماذا أعطَتْ، وأراقب هذه القافلة من السنين التي بدأت مسيرها منذ ... منذ بدأ الزمان، ولست أدري متى بدأ الزمان، والتي تنتهي إلى حيث لا يدري أحد.
تعودّت أن أعطي نفسي من فكري ساعة في العام، أفكر فيها في نفسي وفي الوجود (١).
* * *
نظرت فلم أجد حولي إلا كتاب التفسير أحضّر منه درسي
(١) انظر المقالة الأولى في هذا الكتاب، وانظر فيه أيضًا مقالة «بيني وبين نفسي»، وانظر في كتاب «من حديث النفس» مقالات «على أبواب الثلاثين» و«على عتبة الأربعين» و«بعد الخمسين»، وفي «الذكريات» حلقات متفرقة في المعنى نفسه، انظر منها -على سبيل المثال- الحلقة ١٠٦، وهي في الجزء الرابع (مجاهد).
1 / 174