فَانْطَلَقُوا فَأَتَوْا بَابَ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَّخِرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ يَوْمٍ طَعَاماً، فَإِذَا أَبْطَأَ عَنْهُ وَلَمْ يَأْتِ إِلَيْهِ فِي حِينِهِ أَطْعَمَهُ لِأَهْلِهِ.
فَلَمَّا بَلَغُوا الْبَابَ خَرَجَتْ إِلَيْهِمْ أُمُّ أَيُّوبَ، وَقَالَتْ:
مَرْحَباً بِنَبِيِّ اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُ،
فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلَامُ:
(أَيْنَ أَبُو أَيُّوبَ؟) ...
فَسَمِعَ أَبُو أَيُّوبَ صَوْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَعْمَلُ فِي نَخْلٍ قَرِيبٍ لَهُ - فَأَقْبَلَ يُسْرِعُ، وَهُوَ يَقُولُ:
مَرْحَباً بِرَسُولِ اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ أَتْبَعَ قَائِلاً:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا بِالوَقْتِ الَّذِي كُنْتَ تَجِيءُ فِيهِ.
فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (صَدَقْتَ)، ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى نَخْلِهِ فَقَطَعَ مِنْهُ عِذْقَاً(١) فِيهِ تَمْرٌ وَرُطَبٌّ وَبُسْرٌ(٢).
فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (مَا أَرَدْتُ أَنْ تَقْطَعَ هَذَا، أَلَا جَنَيْتَ لَنَا مِنْ تَمْرِهِ؟).
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْبَبْتُ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ تَمْرِهِ وَرُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، وَلأَذْبَحَنَّ لَكَ أَيْضًا.
قَالَ: (إِنْ ذَبَحْتَ فَلا تَذْبَحْنَّ ذَاتَ لَبْنٍ).
(١) العذق: غصن له شعب. (٢) الرطب: ما نضج من تمر النخل، والبسر: ما لم يكتمل نضجه.
71