59

صور من حياة الصحابة

الناشر

دار الأدب الاسلامي

الإصدار

الأولى

فَكَانَ أَوَّلَ مُسْلِمٍ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ دَخَلَ مَكّةَ مُلَبِّياً.

***

سَمِعَتْ قُرَيْشْ صَوْتَ الثّلِيَةِ فَهَبَتْ مُغْضَبَةٌ مَذْهُورَةً، وَاسْتَلَّتِ السُّيُوفَ مِنْ أَغْمَادِهَا، وَأَنْجَهَتْ نَحْوَ الصَّوْتِ لِتَبْطِشَ بِهَذَا الَّذِي اقْتَحَمَ عَلَيْهَا عَرِينَهَا.

وَلَمَّا أَقْبَلَ القَوْمُ عَلَى ثُمَامَةَ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِم بِكِبْرِيَاءٍ؛ فَهَمَّ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ أَنْ يُؤْدِيَهُ(١) بِسَهْمٍ، فَأَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ(٢) وَقَالُوا:

وَيْحَكَ أَتَعْلَمُ مَنْ هَذَا؟! ...

إِنَّهُ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ مَلِكُ ((الْيَمَامَةِ)) ...

وَاللَّهِ إِنْ أَصَبْتُمُوهُ بِسُوءٍ قَطَعَ قَوْمُهُ عَنَّا المِيرَةَ(٣) وَأَمَاتُونَا جُوعاً.

ثُمَّ أَقْبَلَ القَوْمُ عَلَى ثُمَامَةَ بَعْدَ أَنْ أَعَادُوا السُّيُوفَ إِلَى أَغْمَادِهَا وَقَالُوا:

مَا بِكَ يَا ثُمَامَةُ؟!! ...

أَصَبَوْتَ وَتَرَكْتَ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ؟!!.

فَقَالَ: مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُ خَيْرَ دِينٍ ... اتَّبَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ.

ثُمَّ أَرْدَفَ يَقُولُ:

أُقْسِمُ بِرَبِّ هَذَا البَيْتِ، إِنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْكُمْ بَعْدَ عَوْدَتِي إِلَى ((الْيَمَامَةِ)) حَبَّةٌ مِنْ قَمْحِهَا أَوْ شَيْءٌ مِنْ خَيْرَاتِهَا حَتَّى تَتَّبِعُوا مُحَمَّداً عَنْ آخِرِكُمْ ...

***

اعْتَمَرَ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ عَلَى مَرْأَى مِنْ قُرَيْشٍ كَمَا أَمَرَهُ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَمِرَ ...

(١) يُؤْدِيه: يقتله. (٢) فأخذوا عَلَى يديه: منعوه. (٣) الميرة: المؤونة.

63