56

صور من حياة الصحابة

الناشر

دار الأدب الاسلامي

رقم الإصدار

الأولى

فَقَالَ: (هَذَا ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالِ الحَنَفِيُّ، فَأَحْسِنُوا أَسَارَهُ(١)) ...

ثُمَّ رَجَعَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى أَهْلِهِ وَقَالَ: (اجْمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَكُمْ مِنْ طَعَامٍ وَابْعَثُوا بِهِ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ) ...

ثُمَّ أَمَرَ بِنَاقَتِهِ أَنْ تُحْلَبَ لَهُ فِي الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ، وَأَنْ يُقَدَّمَ إِلَيْهِ لَبَنُهَا ...

وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَوْ يُكَلِّمَهُ.

ثُمَّ إِنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى ثُمَامَةَ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَدْرِجَهُ إِلَى الإِسْلَامِ وَقَالَ: (مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟).

فَقَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ ... فَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ(٢) ... وَإِنْ تُنْعِمْ(٣) تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ... وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ؛ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.

فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَوْمَيْنِ عَلَى حَالِهِ، يُؤْتَى لَهُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَيُحْمَلُ إِلَيْهِ لَبَنُ النَّاقَةِ ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ:

(مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟).

قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي إِلَّا مَا قُلْتُ لَكَ مِنْ قَبْلُ ... فَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ... وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ ... وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ؛ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.

فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ التَّالِي جَاءَهُ فَقَالَ:

(مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟).

(١) أحسنوا أساره: أحسنوا معاملته.

(٢) ذا دمٍ: صاحب دمٍ، أي رجلاً أراق منكم دماً.

(٣) تُنْعِم: أي تنعم بالعفو.

60