عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السهمي
((حَقَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُقَبِّلَ رَأْسَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ، وَأَنَا أَبْدَأُ بِذَلِكَ)) [عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ]
بَطَلُ قِصَّتِنَا هَذِهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُدْعَى عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ.
لَقَدْ كَانَ فِي وُسْعِ التَّارِيخِ أَنْ يَمُرَّ بِهَذَا الرَّجُلِ كَمَا مَرَّ بِمَلاَيِينِ العَرَبِ مِنْ قَبْلِهِ دُونَ أَنْ يَأْبَهَ لَهُمْ، أَوْ يَخْطُرُوا لَهُ عَلَى بَالٍ.
لَكِنَّ الإِسْلَامَ العَظِيمَ أَتَاحَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ أَنْ يَلْقَى سَيِّدَي الدُّنْيَا فِي زَمَانِهِ: كِسْرَى مَلِكِ ((الفُرْسِ))، وَقَيْصَرَ عَظِيمِ ((الرُّومِ)) ...
وَأَنْ تَكُونَ لَهُ مَعَ كُلِّ مِنْهُمَا قِصَّةٌ مَا تَزَالُ تَعِيهَا ذَاكِرَةُ الدَّهْرِ، وَيَرْوِيهَا لِسَانُ التَّارِيخِ.
***
أَمَّا قِصَّتُهُ مَعَ كِسْرَى مَلِكِ ((الفُرْسِ)) فَكَانَتْ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ لِلْهِجْرَةِ حِينَ عَزَمَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَبْعَثَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ بِكُتُبٍ إِلَى مُلُوكِ الأَعَاجِمِ يَدْعُوهُمْ فِيهَا إِلَى الإِسْلَامِ.
وَلَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ ﷺ يُقَدِّرُ خُطُورَةَ هَذِهِ المُهِمَّةِ...
فَهَؤُلَاءِ الرُّسُلُ سَيَذْهَبُونَ إِلَى بِلَادٍ نَائِيَةٍ لَا عَهْدَ لَهُمْ بِهَا مِنْ قَبْلُ...
وَهُمْ يَجْهَلُونَ لُغَاتِ تِلْكَ البِلَادِ وَلَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا عَنْ أَمْزجَةِ مُلُوكِهَا...
ثُمَّ إِنَّهُمْ سَيَدْعُونَ هَؤُلَاءِ المُلُوكَ إِلَى تَرْكِ أَدْيَانِهِمْ، وَمُفَارَقَةِ عِزِّهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ، وَالدُّخُولِ فِي دِينٍ قَوْمٍ كَانُوا إِلَى الأَمْسِ القَرِيبِ مِنْ بَعْضِ أَتْبَاعِهِمْ...
35