فَلَمَّا بَلَغَهُ، وَهَمَّ بِإِحْرَاقِهِ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ وَالأَطْفَالُ يَتْرَبَّصُونَ(١) بِهِ الشَّرَّ، وَيَنْتَظِرُونَ أَنْ تَصْعَقَهُ صَاعِقَةٌ إِنْ هُوَ نَالَ ((ذَا الكَفَيْنِ)) بِضُرٍ.
لَكِنَّ الطُّفَيْلَ أَقْبَلَ عَلَى الصَّنَمِ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْ عُبَّادِهِ ...
وَجَعَلَ يُضْرِمُ النَّارَ فِي فُؤَادِهِ .. وَهُوَ يَرْتَجِزُ:
يَا ذَا الكَفَيْنِ لَسْتُ مِنْ عُبَّادِكَا
وَمَا إِنِ التَّهَمَتِ النَّارُ الصَّنَمَ حَتَّى الْتَهَمَتْ مَعَهَا مَا تَبَقَّى مِنَ الشِّرْكِ فِي قَبِيلَةِ ((دَوْسٍ))؛ فَأَسْلَمَ القَوْمُ جَمِيعاً وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ.
***
ظَلَّ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ مُلَازِماً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِوَارِ رَبِّهِ.
وَلَمَّا آلَتِ الخِلَافَةُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ، وَضَعَ الطُّفَيْلُ نَفْسَهُ وَسَيْفَهُ وَوَلَدَهُ فِي طَاعَةِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَلَمَّا نَشِبَتْ حُرُوبُ الرَّدَّةِ نَفَرَ(٢) الطُّفَيْلُ فِي طَلِيعَةِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ لِحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرٌو.
وَفِيمَا هُوَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى ((الْيَمَامَةِ)) رَأَى رُؤْيَا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:
إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا فَعَبِّرُوهَا لِي.
(١) يتربصون به الشر: ينتظرون أن يُصيبَهُ الشَّرْ.
(٢) نَفَرَ: خرج للقتال.
32