14

صور من حياة الصحابة

الناشر

دار الأدب الاسلامي

رقم الإصدار

الأولى

ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَسْتَقْبِلُ الكَعْبَةَ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، يَا لِحُسْنِهِمَا وَيَا لِتَمَامِهِمَا ...

ثُمَّ رَآهُ يُقْبِلُ عَلَى زُعَمَاءِ القَوْمِ وَيَقُولُ :

وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي أَطَلْتُ الصَّلَاةَ جَزَعاً(١) مِنَ المَوْتِ؛ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الصَّلَاةِ ...

ثُمَّ شَهِدَ قَوْمَهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ وَهُمْ يُمَثِّلُونَ(٢) بِخُبَيْبٍ حَيًّا، فَيَقْطَعُونَ مِنْ جَسَدِهِ القِطْعَةَ تِلْوَ(٣) القِطْعَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ:

أَتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ مَكَانَكَ وَأَنْتَ نَاجٍ؟(٤).

فَيَقُولُ - وَالدِّمَاءُ تَنْزِفُ مِنْهُ -:

وَاللَّهِ مَا أُحبُّ أَنْ أَكُونَ آمِناً وَادِعاً فِي أَهْلِي وَوَلَدِي، وَأَنَّ مُحَمَّداً يُوخَزُ بِشَوْكَةٍ ...

فَيُلَوِّحُ النَّاسُ بِأَيْدِيهِمْ فِي الْفَضَاءِ، وَيَتَعَالَى صِيَاحُهُمْ :

أَنِ اقْتُلُوهُ ... اقْتُلُوهُ ...

ثُمَّ أَبْصَرَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ خُبَيْباً يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ مِنْ فَوْقِ خَشَبَةِ الصَّلْبِ وَيَقُولُ :

((اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ(٥) عَدَداً وَاقْتُلْهُمْ بَدَداً(٦) وَلَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)).

(١) جزعاً: خوفاً وهلعاً.

(٢) التمثيل به: تقطيع أجزاء من بدنه.

(٣) تلو القطعة: بعد القطعة.

(٤) ويقال أن هذا السؤال قد وجه إلى زيد بن الدثنة، انظر شرح المواهب للعلامة الزرقاني: ٢/ ٧٢، وشرح بهجة المحافل وبغية الأماثل: ٢٢٠/١.

(٥) أحصهم عدداً: انتقم منهم واحداً بعد واحد ولا تترك منهم أحداً.

(٦) واقتلهم بدداً: اقتلهم قتل إبادة.

18