المقابلة بين عودة موسى (﵇) إلى أمه، وعودة رَسُول الله (ﷺ) إلى مكة كما في قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ﴾ «١» وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ «٢» . فموسى (﵇) عاد إلى أمه، ورسول الله (ﷺ) عاد إلى أم القرى، وهو معنى استنبطناه من السياق.
فهذه المبادئ المتشابهة في حد ذاتها بين فواتح السورة وخواتيمها تدل على ما ذهبنا إليه، فسنرى مثلًا أن العلاقة بين قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَتُ الْكِتَبِ الْمُبِينِ﴾ (٣) في إشارتها إلى الَقُرْآن الكَرِيم، وما أنزل على الرسل من قبل ﵈ تماثل العلاقة مع قوله تعالى: ﴿وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ﴾ «٤»، كونها إشارة إلى آيات الله تعَاَلىَ التي أنزلت على رَسُول الله (ﷺ) .
ثم أن هنا علاقة وثيقة بين قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ﴾ «٥» وبين قوله تعالى: ﴿وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ «٦» لأن المفسدين مقابل لفظي للمشركين، والعلاقة بينهما علاقة تضاد الإفساد بالشرك، وهي علاقة مترابطة ترابط الإفساد والشرك.
_________
(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٥.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٧.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤.
(٦) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٧.
1 / 26