التوسل في كتاب الله عز وجل
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
١٢٤ - ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م.
تصانيف
قولهم (فاغفر لنا) لأنها تفيد ترتيب ما بعدها على ما قبلها، فكأنهم قالوا بإيماننا بك يا ربنا وتصديقنا بما أمرتنا به فاغفر لنا ذنوبنا وأعذنا من عذاب النار.
وقال تعالى حكاية عن أصحاب رسول الله ﷺ عند ما أعلنوا استسلامهم لأمر الله ﷿، واستعدادهم التام للمسارعة إلى ما يطلب منهم ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ ١ قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (وقوله: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ أي سمعنا قولك يا ربنا وفهمناه، وقمنا به وامتثلنا العمل بمقتضاه ﴿غفرانك ربّنا﴾ سؤال للمغفرة والرحمة واللطف) ٢، فقولهم غفرانك كأنهم قالوا: اغفر لنا ياربنا لاستجابتنا لك واستسلامنا لأمرك، وطاعتنا لك فيما تطلبه منا.
وقال ﷿ حكاية عن المتقين ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ ٣، فكأنهم قالوا بإيماننا بك يا ربنا وتصديقنا بما أمرتنا فاغفر لنا ذنوبنا وأعذنا من عذاب النار.
وفي قوله تعالى حكاية عن الحواريين أتباع عيسى ﵇: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ ٤ فهؤلاء الحواريون من أنصار عيسى ﵇ توسلوا إلى الله ﷿ بإيمانهم الصادق، واتباعهم لرسوله عيسى ﵇ ليجعلهم الله تعالى من الشاهدين الذين يشهدون لله ﷿ بالوحدانية، ولرسوله بالرسالة والبلاغ، أو أنهم دعوا الله ﷿ أن يجعلهم من الشاهدين وهم رسول الله محمد ﷺ وأمته الذين يشهدون للأنبياء
_________
١ البقرة: ٢٨٥.
٢ تفسير ابن كثير ١/٣٤٢.
٣ آل عمران: ١٦.
٤ آل عمران: ٥٣.
1 / 25