السنة النبوية ومكانتها - با جمعان
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
المطلب الثاني: السنة وحي نزل بها جبريل ﵇ على الرسول ﷺ:
وقد ثبت إنزال جبريل ﵇ بالسنة على الرسول ﷺ، كما كان ينزل عليه بالقرآن الكريم. فقد وردت بعض الآثار تنص على ذلك، فقد نقل الدارمي أثرًا عن مُحَمَّد بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ قال: "كان جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِالسُّنَّةِ كَمَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ" (١) . وروى أبوبكر محمد بن عثمان بن حازم الهمداني، بسنده عن أبي إسحاق إسماعيل بن سعيد الكسائي الفقيه، قال: المذهب في ذلك: يجب على الناس أن يتبعوا القرآن ولا يخالفوه؛ فإن احتج محتج بأن في السنن ما يخالف التنزيل قيل لهم: إن رسول الله ﷺ قال: "إلا إني أوتيت الكتاب ومثله معه" (٢)، فكل سنة ثبتت عن رسول الله ﷺ لا يجوز لقائل أن يقول: إنها خلاف التنزيل؛ لأن السنة تفسير للتنزيل، والسنة كان ينزل بها جبريل، ويعلمها رسول الله ﷺ، فكان لا يقول قولًا يخالف التنزيل إلا ما نسخ من قوله بالتنزيل، فمعنى التنزيل: ما قال رسول الله ﷺ إذا كان ذلك بإسناد ثبت عنه" (٣) .
_________
(١) سنن الدارمي ١/١٤٥، المقدمة، باب السنة قاضية على الكتاب، وفي إسناده محمد بن كثير المصيصي وهو ضعيف، لكن تابعه روح بن عبادة وعيسى بن يونس، فهذا الإسناد صحيح غير أنه مرسل.
(٢) رواه الإمام أحمد في مسنده، ٢٨/٤١٠-٤١١، برقم ١٧١٧٤، ورواه أبو داود في سننه، ٥/١٠-١٢، كتاب السنة، بَاب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ، الحديث رقم ٤٦٠٤.
(٣) في كتابه الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، ص ٢٦.
1 / 29