وكانت تتكلم بصوت متئد متزن النبرات كأنما تحدث نفسها فدهشت، لا بل بهت، ووقفت صامتا كأنما أستل لساني من حلقي، وظللنا كذلك لا أدري كم، ثم قالت: «والآن سأدخل.»
ولكنها كانت بالذي يهم بالدخول أشبه، فوجد لساني الكلام وقلت: «لا تذهبي هكذا بغير تحية أو سلام.»
فوقفت مكانها وأمالت ووضعت يدها في خصرها كأن هنا شيئا يؤلمها فدنوت منها فإذا بلمعة عينيها تنطفئ ووميضها يخبو، فقلت: «ماذا كنت تقولين؟»
فلم تجبني ومدت يدها إلي بثمر الحناء فقلت: «هذا حسن. تحية طيبة. سأذكرك بها دائما. والآن ماذا كنت تقولين؟ أثم شيء يحزنك؟»
قالت: «أي شيء يحزنني؟ لا شيء.»
قلت: «إني أرى هذا في عينيك، في وميضهما ثم انطفأ هذا اللمعان.»
قالت وعلى ثغرها الدقيق طيف ابتسامة: «ماذا ترى في عيني؟»
قلت، وكأني ألهمت الألفاظ: «أرى كأنك كنت تنتظرين شيئا ثم لم يحدث.»
فقالت: «فقط؟ لا أكثر؟»
قلت: «فقط. وأريد أن أعرف ما هو؟ ولماذا؟»
صفحة غير معروفة