صدع الدجنة في فصل البدعة عن السنة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
عدنان بن صفا خان البخاري
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
وجوبه أو استحبابه بدليل شرعي، وقول عمر ﵁ في التراويح: "نِعْمَت البدعة هي" (^١) أراد البدعة اللُّغوية، وهو ما فُعِل على غير مثال، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٩]، وليست بدعة شرعًا، فإن البدعة الشرعية ضلالة كما قال ﵌.
ومن قسَّمها من العلماء إلى حسنٍ وغير حسنٍ فإنَّما قسَّم البدعة اللُّغوية، ومن قال: "كل بدعة ضلالة" فمعناه البدعة الشرعية، أَلَا ترى أنَّ الصحابة ﵃ والتابعين لهم بإحسان أنكروا فرضية غير الصلوات الخمس، كالعيدين، وإن لم يكن فيه نهي، وكرهوا استلام الركنين الشاميين، والصلاة عقيب السَّعي بين الصفا والمروة قياسًا على الطواف، وكذا ما تركه ﵌ مع قيام المقتضي، فيكون تركه سنة، وفعله بدعة مذمومة.
وخرج بقولنا: "مع قيام المقتضي في حياته تركه" إخراجُ اليهود من جزيرة العرب، وجمعُ المصحف، وما تركه لوجود المانع كالاجتماع للتراويح؛ فإنَّ المقتضي التام يدخل فيه عدم المانع".
أقول: وهذا التفسير أحسن من التفسير السابق، وإن كان المآل واحدًا.
ولك أن تقول في تعريف البدعة: "هي كل أمر أُلصق بالدين ولم يكن من هَدْي النبي ﵌، لا بالفعل ولا بالقُوَّة" (^٢)، فقولك: "ولا بالقُوَّة" يخرج
_________
(^١) أخرجه البخاري (٢٠١٠) وغيره، من حديث عبد الرحمن بن عبدٍ القاري.
ولفظ البخاري: "نِعْمَ البدعة هذه"، وقوله: "نِعْمَت" بالتاء هو إحدى روايات البخاري، كما في "الفتح" (٤/ ٢٥٣).
(^٢) يعني: بالقدرة على فعله؛ لأنَّ المقصود بالقُوَّة: الاستعداد والإمكان الذي في الشيء لأنْ يوجد بالفعل. يُنظَر: "المعجم الفلسفي" لجميل صليبا (٢/ ٢٠٢).
6 / 134