76

سن ياتسن أبو الصين

تصانيف

وبينا أنا في الطريق قرأت في الصحف خبرا فحواه أن الثورة نشبت بووشانج وأن سن ياتسن سيتقلد رئاسة الجمهورية المنتظرة، فرأيت اجتناب الصحفيين؛ إذ بدا لي أن الإشاعات تسبق الوقائع.

وتابعت السفر ومعي زميلي شوشو وين في رحلتنا الطويلة إلى البلاد الإنجليزية، وعلمت عند بلوغي نيويورك أن الزملاء يهاجمون كانتون فأبرقت إلى الحاكم شانج ني أيس أنصح له بتسليم المدينة اتقاء لسفك الدماء، وأمرت الزملاء أن يؤمنوه على حياته، وهو ما حدث بعد ذلك.

وعمدت عقب نزولي بإنجلترا إلى مفاوضة الاتحاد المصرفي للدول الأربع لأحذره من إمداد أسرة المانشو بالقروض، وكان الاتحاد قد رضي فعلا أن يقرضها مائة مليون بضمان سكة حديد شوان هانج، ثم زاد القرض مائة مليون أخرى، ودفع قسط من أحد هذه القروض ولم تصدر الأسناد في القروض الأخرى مع توقيع الاتفاق، وأردت وقف الأقساط من القرض الذي بدئ بدفعه ومنع صدور الأسناد من القروض الأخرى، وتبينت أن هذه التسوية رهينة بمشيئة وزارة الخارجية فأمرت مدير دار الصناعة (وي هاي وي) أن يفاوض الحكومة البريطانية على مسائل ثلاث أصررت على تسويتها: «أولها» وقف جميع القروض الممنوحة لأسرة تاي شنج، والمسألة الثانية ثني اليابان عن التدخل، والمسألة الثالثة إلغاء جميع الأوامر التي تحظر نزولي بالمناطق البريطانية، كي يتيسر لي الوصول إلى الصين بغير مشقة.

فلما تلقيت الجواب المرضي عن هذه المسائل من الحكومة البريطانية تحولت إلى الاتحاد المصرفي للحصول على قرض للحكومة الثورية، فجاءني الرد من مديره قائلا:

إنه لما كان الاتحاد قد وقف دفع القروض للأسرة المالكة فالاتحاد لا ينوي ألا يمنح هذه القروض إلا حكومة ثابتة معترفا بها، ويرى الاتحاد في الظروف الحاضرة أن ينفذ مندوبا معك يبدأ المفاوضات عند الاعتراف الرسمي بحكومتك.

كان هذا كل ما استطعته خلال مقامي بالبلاد الإنجليزية، فلما بلغت باريس لقيت أحزاب المعارضة وتلقيت منها جميعا عبارات التأييد وبخاصة من الرئيس كليمنصو.

وبلغت شنغهاي بعد ثلاثين يوما من مبارحتي باريس، وكان مؤتمر الصلح بين الشمال والجنوب منعقدا في ذلك الحين، ولكن دستور الجمهورية المنتظرة لم يتقرر بعد، وراحت الصحف قبل اقترابي من شنغهاي تذيع أنني أعود إلى الوطن محتقبا المال الكثير لمساعدة الثورة، ووجدتهم - زملائي ومندوبي الصحف الأجنبية والوطنية - يترقبون ذلك فأجبتهم عند سؤالي أنني لم أحضر معي فلسا واحدا وأن كل ما أحضرته معي روح الثورة وأنه - إلى أن يتحقق الهدف - لا وجه للكلام في مؤتمرات الصلح، فأقبل المندوبون من أرجاء الصين بعد هذا التصريح على الأثر متقاطرين إلى مدينة نانكين، وانتخبت رئيسا للجمهورية الصينية.

وتوليت عملي (سنة 1912) آمرا بإعلان الجمهورية الصينية وتنقيح التقويم القمري، واعتبار تلك السنة أول سنة للجمهورية.

وكذلك انقضت ثلاثون سنة كاليوم الواحد، وبعد انقضائها فقط بلغت الهدف، هدف حياتي: وهو إنشاء جمهورية الصين. (2) من تاريخ الثورة بيان المؤتمر الوطني الأول سنة 1924

بدأت فكرة الثورة بعد الحرب الصينية اليابانية، وبلغت أشدها سنة 1900 ونجحت سنة 1911 حين سقطت الحكومة الملكية.

صفحة غير معروفة