السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية
محقق
أبو عبد الرحمن البحيري وائل بن حافظ بن خلف
الناشر
دار البشير للثقافة والعلوم
رقم الإصدار
الأولى
تصانيف
الحديث
فَفَعَلَتْ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ: لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ (١)! فَتَحَرَّجْتُ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ! إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ! فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا».
قال النبي ﷺ:
«وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ! إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ (٢)،
_________
(١) الخاتم: كناية عن بكارتها. وقوله: «بحقه» أي: بنكاح لا بزنا. قاله الإمام النووي ﵀.
(٢) ورد في رواية النعمان بن بشير ﵄ بيان لسبب تركه أجره، إذ فيها: «... قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّة ً، كَانَ لِي أُجَرَاءُ يَعْمَلُونَ، فَجَاءَنِي عُمَّالٌ لِي، فَاسْتَأْجَرْتُ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَجَاءَنِي رَجُلٌ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَطَ النَّهَارِ فَاسْتَأْجَرْتُهُ بِشَطْرِ أَصْحَابِه ِ، فَعَمِلَ فِي بَقِيَّةِ نَهَارِهِ كَمَا عَمِلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي نَهَارِهِ كُلِّهِ، فَرَأَيْتُ عَلَيَّ فِي الزِّمَامِ أَنْ لَا أُنْقِصَهُ مِمَّا اسْتَأْجَرْتُ بِهِ أَصْحَابَهُ لِمَا جَهِدَ فِي عَمَلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَتُعْطِي هَذَا مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَنِي وَلَمْ يَعْمَلْ إِلَّا نِصْفَ نَهَارٍ؟! فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ! لَمْ أَبْخَسْكَ شَيْئًا مِنْ شَرْطِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَالِي أَحْكُمُ فِيهِ مَا شِئْتُ، فَغَضِبَ وَذَهَبَ وَتَرَكَ أَجْرَهُ!» وهذه الرواية عند الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٢٧٤ - ٢٧٥)، والطبراني في "الدعاء" (١٩٠) بسند حسن.
1 / 36