مختصر تلخيص الذهبي
الناشر
دَارُ العَاصِمَة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١ هـ
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
ثم لم تزل العناية بجمع السنة وحفظها موضع اهتمام الصحابة ﵃، إلى أن بلغ الأمر ببعضهم إلى أن يرحل من المدينة إلى مصر في طلب حديث واحد.
قال عطاء بن أبي رباح: خرج أبو أيوب إلى عقبة بن عامر وهو بمصر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله ﷺ، لم يبق أحد سمعه من رسول الله ﷺ غيره، وغير عقبة. فلما قدم أتى منزل مسلمة بن مخلَّد الأنصاري، وهو أمير مصر، فأخبر به، فعجّل، فخرج إليه، فعانقه، ثم قال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله ﷺ، لم يبق أحد سمعه من رسول الله ﷺ غيري، وغير عقبة، فابعث من يدلّني على منزله، قال: فبعث معه من يدلّه على منزل عقبة، فأخبر عقبة به، فعجّل، فخرج إليه، فعانقه، وقال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله ﷺ، لم يبق أحد سمعه غيري، وغيرك، في ستر المؤمن، قال عقبة: نعم، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من ستر مؤمنًا في الدنيا على خزية ستره الله يوم القيامة"، فقال له أبو أيوب: صدقت، ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته، فركبها راجعًا إلى المدينة، فما أدركته جائزة مسلمة بن مخلد، إلا بعريش مصر (١).
وزاد من حرص الصحابة ﵃ ظهور تلك الفرق في عصرهم، وقد اتّخذت سنة الرسول ﷺ مطيّة لتحقيق أهدافها، ومآربها، فتأصل لديهم مبدأ التثبّت في تلقّي السنة.
قال مجاهد: جاء بُشَيْر العدوي إلى ابن عباس، فجعل يحدث، ويقول:
_________
ـ
(١) أخرجه الحميدي في مسنده (١/ ٨٩ - ١٩٠ رقم ٣٨٤)، وأحمد في مسنده (٤/ ١٥٣
و١٥٩)، والخطيب في "الرحلة في طلب الحديث" (ص ١١٨ - ١٢٤ رقم ٣٤ و٣٥
و٣٦ و٣٧ و٣٨).
1 / 12