مختصر تلخيص الذهبي
الناشر
دَارُ العَاصِمَة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١ هـ
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
ثم بعد أن ألّف هذان الجهبذان صحيحيهما بدأ التفكير يراود غيرهما من العلماء في محاولة التأليف في الصحيح كما فعل الشيخان.
فألّف ابن خزيمة، وابن حبان، وابن السكن، وغيرهم في الصحيح، لكن لم يبلغ شيء من هذه الكتب رتبة الصحيحين، ولا يقاربهما، فإن الأمة تلقّت أحاديث هذين الكتابين بالقبول، وقد عرض البخاري كتابه الصحيح على أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن الديني، وغيرهم، فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة، إلا في أربعة أحاديث، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة (١).
وبعد أن حظي هذان الكتابان بهذه المكانة في نفوس المسلمين، صرف العلماء جهودهم لخدمتهما، فألّفت المستخرجات عليهما، وترجم لرجالهما، وعملت لهما الشروح ...، إلى غير ذلك من تنوع الجهود.
ونظرًا لاختلاف الاجتهاد، فقد وجّه بعض العلماء شيئًا من الانتقاد للصحيحين، فألّف الدارقطني كتابه "التتبع"؛ لنقد ما تجلّت له علته من أحاديث هذين الكتابين.
وقد استغل بعض المبتدعة شهرة الصحيحين، ومكانتهما في نفوس السلمين للطعن في السنة، بدعوى حصر ما صح منها في عدد لا يتجاوز عشرة آلاف حديث، وهي التي أخرجت في الصحيحين، وما عدا ذلك في سائر المصنفات فسقيمة غير صحيحة.
وكان هذا هو السبب الباعث للحاكم ﵀ في تأليف كتابه "المستدرك" فإنه استشعر ما تنطوي عليه هذه المقالة من القدح في سنة المصطفى ﷺ، فبادر إلى إخراج أحاديث استدركها على
_________
(١) الموضع السابق من هدي الساري.
1 / 14