السمان والخريف
السمان والخريف
السمان والخريف
السمان والخريف
تأليف
نجيب محفوظ
السمان والخريف
1
وقف القطار ولكنه لم يجد أحدا في انتظاره. أين السكرتير؟ أين موظفو المكتب؟ أين السعاة؟ وأجال بصره في المكان والناس بلا جدوى، ماذا جرى؟! هل دار رأس القاهرة تحت ضربة القنال الآثمة؟! وغادر موقفه عند مقدمة العربة، فسار حاملا حقيبته الصغيرة نحو الخارج وهو يقطب استياء، ثم ساوره قلق. وتفحص الوجوه بدافع غريزي فوجدها تعكس انقباضا مخيفا، وتحركت في أعماقه غريزة تتنبأ بالمخاوف. أهي مذبحة الأمس بالقنال أم أحزان جديدة تزحف؟ هل يسأل الناس عما وراءهم؟! ولم ينتظره أحد، ولا واحد من مكتبه شذ عن هذا السلوك العجيب! يا لها من أيام غريبة حقا، ولم تزل ذكريات القنال ناشبة في رأسه بكل حدة، المشاهد الدامية، مذبحة رجال البوليس، البطولة العزلاء. ولم يزل صوت الشاب الفدائي يخرق أذنه وهو يصيح غاضبا: أين أنتم .. أين الحكومة .. ألستم أنتم الذين أعلنتم الجهاد؟!
فقال في حرج شديد: بلى، ولهذا تجدني أمامك في هذا الخلاء.
صفحة غير معروفة