============================================================
فهو على نفسه وعلى غيره أشد جناية من الكانب .
فقال الفرس للخنزير : ينبغى لك ألا تزهد فى اصطناع المعروف، فقال الخنزير: إنى لست بزاهد فى ذلك ، ولكنه كان يقال : العاقل يتخير لمعروفه كما يتخير الباذر لحبوبه التى يبذر ما نكا(1) من الأرض ، فحدشى يا فرس عن ابتداء أمرك فيما نزل بكى وعن حالك قبل ذلك لأعلم من أين دهيت ، فحدشه الفرس بجميع آمره وكيف كان عند فارسه ، وكيف فارقه وما لقى فى طريقه إلى حين اجتماعه بالخنزير.
فقال له الخنزير : قد ظهر لى الآن أنك جاهل بجرمك وأن لك ننوبا ستة ، اولها : خذلانك فارسك الذى أحسن إليك وأعدك للمهمات، والثانى : كفرك لإحسانه، والثالث : إضرارك به فى طلبك، والرابع : تعديك على ما ليس لى الاوهو السرج واللجام والخامس : إساعتك لنفسك بتعاطرك التوحش الذى لست له أهلا ولا لك عليه مقرة، والسابس : إصرارك على ذنبك وتماديك فى غوايتك، فقد كنت متمكنا من العود الى فارسك، والاستقالة من فارط جهلك قبل أن يوهنك اللجام بالجوع واللبب والحزام بالضنك(2).
فقال الفرس للخنزير : أما إذ عرفتتى ننوبى وأيقظتتى لما كنت ذاهلا عنه مجوبا بحجاب الجهل ، فانطلق الأن ودعنى فانى مستحق لأضعاف ما أنا فقال الخنزير : أما إذ عرفت وفطنت لهذا الغدر، ولمت نفسك، ووبختها ال واخترت لنفسك العقوبة على جهلها، واستعملت الحكمة التى وعيتها؛ فإناى حقيق بأن ينفس عنك ، وانه قيل : ان الأب لوقا(2) كتب على باب بيته : إنه لن ينتفع بكمتا الا من عرف نفسه ووقف عند قدرها، فمن كان بهذه الصفة ؛ فليدخل والا فليرجع حتى يكون بهذه الصفة .
ثم ان الخنزير قطع عنان اللجام فسقط وقطع الحزام فنفس عن الفرس .
(1) أى ما جاد وحسن من الأرض .
(2) الضيق والضعف .
(3) لوقا : قديس انجيلى . رفيق بولس الرسول فى آسفاره . كان طبيبا كتب انجيله نحو 67م. وهذا ا يدعيه رهبان وأنصار السيحية .
صفحة ٦٥