السلوك في طبقات العلماء والملوك
محقق
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
رقم الإصدار
الثانية
فحققته
نرْجِع إِلَى كَلَام الْخَطِيب قَالَ خرجت طَالبا زِيَارَة تُرَاب أَهلِي وَإِذا بِجَمَاعَة كثير قد لقوني وَفِي وَسطهمْ رَسُول الله ﷺ وَكَأَنِّي سَأَلت عَنْهُم فَقيل هَؤُلَاءِ من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا فتقدمت إِلَى رَسُول الله ﷺ وَأخذت بِيَدِهِ الْكَرِيمَة فَقَبلتهَا وَقلت لَهُ رفع الله درجتك تقبل الله شفاعتك رحم الله أمتك
فَأَجَابَنِي ﷺ على السجع وَقَالَ أقَال الله عثرتك غفر الله زلتك أحسن الله معونتك ثمَّ الْتفت إِلَى الْجَمَاعَة الَّتِي حوله وَقَالَ سلمُوا على خطيب الخطباء فَسَلمُوا عَليّ وسلمت عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ لي خطيب الخطباء كَيفَ قلت وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَة إِلَى الْجَبانَة كَأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا للعيون قُرَّة وَلم يعدوا فِي الْأَحْيَاء مرّة أعد الْفَصْل من أَوله فابتدأت من أول الموعظة بخطابة وَترسل وَهُوَ ﷺ يبكي وَالْجَمَاعَة يَبْكُونَ لبكائه إِلَى أَن وصلت خَاتِمَة الْخطْبَة وَقلت أسكتهم الله الَّذِي أنطقهم وأبادهم الَّذِي خلقهمْ وسيجددهم كَمَا أخلقهم ويجمعهم كَمَا فرقهم يَوْم يُعِيد الله الْعَالمين خلقا جَدِيدا وَيجْعَل الظَّالِمين لنار جَهَنَّم وقودا ثمَّ أَوْمَأت بيَدي إِلَيْهِ ﷺ وإليهم وَقلت يَوْم تَكُونُونَ شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا وَمَا عملت من سوء تود لَو أَن بَينهَا وَبَينه أمدا بَعيدا فَقَالَ لي ﷺ أَحْسَنت يَا خطيب الخطباء لَا فض الله فَاك قَالَ افْتَحْ فَاك ففتحته فتفل فِيهِ ﷺ ثمَّ انْتَبَهت ورائحة الْمسك يتضوع من فِي وَبَقِي ﵁ أَيَّامًا الْمَنَام أفْصح وَأحلى مِمَّا قبله وَاخْتلف فِي مُدَّة بَقَائِهِ بعد ذَلِك فَقَالَ ابْن خلكان عَاشَ بعْدهَا ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا لَا يستطعم طَعَاما وَلَا شرابًا لبركة تِلْكَ التفلة وَهَذِه الْخطْبَة هِيَ الَّتِي فِيهَا هَذِه الْكَلِمَات تعرف بالمنامية لهَذِهِ الْوَقْعَة وَذكر فِيمَا رَأَيْت بِخَط شَيخنَا الْمَذْكُور أَولا الَّذِي وجدت الْقِصَّة بِخَطِّهِ أَنه عَاشَ بعد الْمَنَام أَرْبَعِينَ يَوْمًا
وَأما الَّذِي ذكره الْفَقِيه عُثْمَان وَهُوَ من الْعلمَاء الْمَأْخُوذ عَنْهُم أَنه لم يَعش غير اثْنَي عشر يَوْمًا ثمَّ لم يَعش هُوَ أَيْضا بعد الْمَنَام غير اثْنَي عشر يَوْمًا كَمَا قدمنَا وَكَانَت وَفَاة الْخَطِيب بميافارقين سنة أَربع وَسبعين وثلثمائة
قَالَ ابْن خلكان وَرَأَيْت فِي بعض المجاميع قَالَ الْوَزير أَبُو الْقَاسِم بن المغربي رَأَيْت الْخَطِيب ابْن نباتة بعد مَوته فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ دفع إِلَيّ ورقة وفيهَا سطران بالأحمر هما
1 / 390