السلوك في طبقات العلماء والملوك
محقق
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
رقم الإصدار
الثانية
سنة خمس عشرَة وأربعمئة كَأَنَّهُ جَالس فِي بَيت لَا أعرفهُ على شَيْء مُرْتَفع شبه الدكة وناس جُلُوس دونه قَلِيلا فَدخلت عَلَيْهِ ودنوت مِنْهُ وَقلت لَهُ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْك إِنَّه قد اقْترب أَجلي وَأُرِيد مِنْك أَن تلبس قَمِيصِي هَذَا لآمر بتكفيني فِيهِ بعد الْمَوْت فَعَسَى الله أَن يقيني بِهِ حر جَهَنَّم فَرَأَيْت الْقَمِيص على رَسُول الله ﷺ ثمَّ لم أره ثمَّ قَامَ رَسُول الله إِلَى مَوضِع آخر وَرَأَيْت صَدره مكشوفا لَا قَمِيص عَلَيْهِ فدنوت مِنْهُ وعانقته وعانقني وألزقت صَدْرِي إِلَى صَدره حَتَّى حسست خشونة شعر صَدره بصدري وَجعلت فمي إِلَى فَمه وهممت أسأله يبزق فِي فمي وَقلت لَهُ سل الله أَن يجمع بيني وَبَيْنك فِي الرفيق الْأَعْلَى وَهُوَ مَعَ ذَلِك يضمني إِلَى صَدره ويجيبني إِلَى مَا أسأله وَيَدْعُو لي وَأَنا أضمه إِلَى صَدْرِي ثمَّ قَامَ ﷺ إِلَى مَوضِع آخر وَقَعَدت بَين يَدَيْهِ وَأَقْبل ﷺ عَليّ يعرض لي بِشَيْء أهبه لامْرَأَة كَانَت بَين يَدَيْهِ وَقت دخولي عَلَيْهِ فَنَظَرت إِلَيْهَا وَفتحت صرارا كَانَت بثوبي فَقلت لَهُ وَالله يَا رَسُول الله مَا معي إِلَّا هَذَا وَوجدت بالصرا دينارين مطوقين ودريهمات نَحْو عشْرين لم أعدهَا وسلمت ذَلِك إِلَيْهِ وانتهيت
وَكنت قد رَأَيْته ﷺ عِنْد الْقيام الأول وَلبس الْقَمِيص قد تنَاول من مَوضِع آخر منديلا مدرحاد منقشا مطرزا بأحمر فَقلت فِي نَفسِي كَأَنَّهُ يُرِيد أَن يرد عَليّ الْقَمِيص ويهب لي المنديل ثمَّ مضى إِلَى الْموضع الثَّانِي ﷺ رَزَقَنِي الله شَفَاعَته وَلَا حرمني النّظر إِلَيْهِ فِي الْآخِرَة بمنه وَكَرمه وَقد تركت الْقَمِيص وأوصيتهم يكفنوني بِهِ
قَالَ الشِّيرَازِيّ وَهُوَ الَّذِي روى الْخَبَر عَن هَذَا أبي الْخطاب وَقد سألناه إِخْرَاج الْقَمِيص فَأخْرجهُ ولبسناه وأعطانا مِنْهُ شَيْئا
قَالَ الشِّيرَازِيّ وَسمعت مِنْهُ أَيْضا قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي دخلت دَارا فَلَقِيت النَّبِي ﷺ قَائِما تَحت الدَّار بَين ثَانِي حَانُوت وَمَعَهُ جمَاعَة أعرف بَعضهم وهم قيام لقِيَامه ﷺ وَكَانَ بالموضع سراج موقد فَقلت يَا رَسُول الله قَالَ الله ﵎ ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾ وروينا عَنْك أَنَّك قلت ادخرت
1 / 217