142

عنه أمام الله ورسوله في حقه.

ولا نعلم بعد ذلك ولا فيما ترويه المصادر ، أنه ذكر الصلح بنفي أو اثبات.

ولكنا علمنا أن المغيرة ورفاقه الذين دخلوا معسكر المدائن حين اذن لهم بدخوله لعرض هذه الكتب على الامام ، لم يغادروا المعسكر حتى زرعوا في ميدانه أكبر فتنة في الناس. فخرج الوفد العد وويستعرض في طريقه مضارب الجيش ، وهو اذ ذاك هدف الانظار في حركته ، وهدف الاسماع في حديثه ، فقال بعض أفراده لبعض وهم يرفعون من أصواتهم ليسمعهم الناس : « ان الله قد حقن بابن رسول الله الدماء وسكن الفتنة ، وأجاب الى الصلح (1)».

وما كان حديثهم هذا الا الفتنة نفسها ، ليعبروا بها وبمثيلاتها من هذا الطراز ، الى انتزاع الصلح انتزاعا.

واذا هي الطعنة النجلاء ، في ظروف مولية كظروف المدائن بما كان قد لحقها من التبلبل الذريع ، في أعقاب الحوادث المؤسفة في معسكر « مسكن ».

وكانت أكثرية المدائن لا تزال ملحة على مباشرة الحرب ، فهي لا ترى للصلح مكانا ، وكان يخيل اليها أن في بقايا المجاهدين في مسكن كفاية لمنازلة معاوية ، وأن في احتياطي المدائن ما يضمن لمسكن القوة على الصمود فيما لو ضعفت كفايتها. وربما كانوا أو كان فيهم ، من لا يتخيل شيئا من ذلك ، ولكنهم انما يلحون على الحرب لانهم « يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة (2)». وتلك هي نعرة الخوارج في جيش الحسن عليه السلام . وكيف يقول المغيرة ورفاقه « ان الحسن أجاب الى الصلح » ، انها الكلمة الكافرة التي لا يجوز الصبر عليها برأيهم .

وكان شغب فئة كبيرة كالخوارج ، مدعاة لزلزلة فئات أكثر عددا ولا سيما من أغرار الناس المتارجحين بين الطاعة والعصيان ، والمتأهبين للفتن

صفحة ١٦٢