134

الذي نسجوا عليه لعابهم المرير في عهد ابيه امير المؤمنين عليه السلام في الكوفة يوم سئم أبوه الحياة من سوء صحبتهم ، وتمني الموت صريحا لفراقهم.

وعلم الحسن بن علي غير متردد في علم ، ان هذه العصابة نفسها كانت هي أصابع معاوية التي عاثت بمقدرات جيشه في مسكن ، وهي التي شجعت القوافل على الفرار الى معاوية ، اغترارا برشواته الاخاذة المنوعة التي جاوز بها معاوية المألوف من رشوات الناس وعرض فيها من العرض ما لا يعهد الرشوة بمثله ، حتى لقد كتب الى بعضهم : « وبنت من بناتي (1)»!.

وكانت الخصيصة البارزة في معاوية ، انه الرجل الذي لا تفوته الفرص السانحة من مآزق خصومه ، وكان هو قبل كل شيء الصناع المفن في بعث هذه المآزق واستغلال فرصها ، وكانت هذه هي موهبته التي خلب بها الباب المعجبين به ، وبرع فيها البراعة بأقصى حدودها ، حتى ليخيل الى مؤرخته حين ينظرون اليه من هذه الزاوية أنه الداهية ، وانه السياسي المحنك ، وانه العسكري المفن.

ولكن دراسة معاوية على ضوء ما تقلب فيه الرجل من أطوار وما زاوله من محاولات كمحارب لرسول الله (ص) في بدر (2)، فطليق من طلقاء يوم الفتح بمكة ، فصعلوك (3) لا مال له يركض حافيا بغير نعل تحت ركاب علقمة بن وائل الحضرمي (4) في المدينة ، فوال على الشام ولكن من عمر وعثمان مدى عشرين سنة ، فمحارب للامامين علي وابنه

صفحة ١٥٤