ولا هي مما يتفق والتشريع الاسلامي بسعته وسماحته.
وللاسلام اعتداده بصحة حقائقه التي تكفل له بعث الناس الى الطاعة والانقياد. وليس في عناصر هذا الدين إكراه أحد على الطاعة بالقوة. ولكنه دلهم على السبيلين وأعان على خيرهما بالهدى « والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا » وكان هذا هو شعار الاسلام في جميع ما أمر به أو نهى عنه.
وعلى ذلك جرى رؤساء المسلمين فيما دعوا الناس اليه ، وفيما حذروا الناس منه.
وكان لهم عند اعتزامهم الحرب ، دعاواتهم الرائعة ، في التحريض على الجهاد ، وأساليبهم المؤثرة التي لا تتأخر غالبا عن اقناع اكبر عدد من المطلوبين الى حمل السلاح.
فمن ذلك ، أنهم كانوا يزيدون في مخصصات أهل العطاء من مقاتلتهم ، ويأمرون عمالهم على البلاد فيستنفرون الناس للجهاد ، ويبثون السنتهم وخطباءهم وذوي التأثير من رجالهم لبعث الناس الى التطوع في سبيل الله عز وجل.
وفعل الحسن عليه السلام كل ذلك منذ ولي الخلافة في الكوفة ، ومنذ أعلن النفير للحرب. وكان من أولياته كما اشير اليه آنفا : انه زاد المقاتلة مائة مائة ، وبعث حجر بن عدي الى عماله يندبهم الى الجهاد ، ونهض معه مناطقته الافذاذ من خطباء الناس أمثال عدي بن حاتم ، ومعقل بن قيس الرياحي ، وزياد بن صعصعة التيمي ، وقيس بن سعد الانصاري. فأنبوا الناس (1)، ولاموهم على تثاقلهم ، وحرضوهم على اجابة داعي الله ، ثم تسابقوا بأنفسهم الى صفوفهم في المعسكر العام ، يغلبون الناس عليه.
ونشرت الوية الجهاد في « أسباع الكوفة » وفي مختلف مرافقها العامة ، تدعو الناس الى الله عز وجل ، وتدين بالطاعة لآل محمد عليهم السلام .
صفحة ١٢٧