سجود التلاوة وأحكامه
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
بالسجود من الأمر بالسجود (١).
وأجيب: بأن المسلمين قد أجمعوا على أن الأخبار الواردة في السجود عند تلاوة القرآن هي بمعنى الأمر بالسجود مقيدًا بالتلاوة أي: عند التلاوة، وورد الأمر به مطلقا فوجب حمل المطلق على المقيد، وليس الأمر في ذلك بالسجود كالأمر بالصلاة، فإن الصلاة قيد وجوبها بقيود أخر.
وأيضًا: فإن النبي ﷺ قد سجد فيها فبين لنا بذلك معنى الأمر بالسجود الوارد فيها، أي: أنه عند التلاوة فوجب أن يحمل مقتضى الأمر في الوجوب عليه (٢).
الوجه الثالث: على فرض التسليم بأنه أمر بالسجود عند التلاوة، فإنه يتعين حمله على الندب، جمعًا بينه وبين ما ورد عنه ﷺ من ترك السجود أحيانا (٣).
٣ - قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥].
فهذا الكلام يقتضي أنه لا يؤمن بآياته إلا من إذا ذكر بها خر ساجدا وسبح بحمد ربه، وهو لا يستكبر (٤).
ونوقش: بأن المراد به التزام السجود واعتقاده، فإن فعله ليس بشرط في الإيمان إجماعًا، ولذا قرنه بالتسبيح، وهو قوله: ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا﴾ [السجدة: ١٥] وليس التسبيح بواجب (٥).
ولأن ظاهر الآية يقتضي أن جميع الآيات يجب أن يسجد لها إذا
_________
(١) نقله ابن رشد عن الجويني، بداية المجتمع (١/ ١٦٢).
(٢) بداية المجتمهد (١/ ١٦٢).
(٣) الانتصار (٢/ ٣٩٠).
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٣/ ١٤١) الانتصار (٢/ ٣٩٠).
(٥) الانتصار (٢/ ٣٩١)، كشاف القناع (١/ ٤٤٥).
1 / 22