شكل 4-4: ولاءات أفغانية: مسكن وضريح صوفي في كابل (تصوير: نايل جرين).
في أفغانستان الواقعة شمال غربي الهند البريطانية، كان الحكام الأفغان المناصرون للحداثة يجاهدون في أوائل القرن العشرين لتأكيد سلطتهم الهشة على القبائل الجامحة ورجال الدين المعارضين، مما دفعهم إلى عقد اتفاق مشابه مع الصوفيين البارزين.
106
وفي منطقة كان فيها الولاء القبلي للأسلاف من الأولياء الصوفيين أقوى من الولاء لملك بعيد يقيم في كابل، وجد حكام أفغانستان المركزيون في أوائل القرن العشرين أنه من الحكمة استخدام الصوفيين كجسور للوصول إلى رعاياهم الممانعين.
107
وفي عام 1919، تضمن هذا السعي الملكي إلى السلطة أيضا إعلان الجهاد على الإمبراطورية البريطانية، التي كانت في أعقاب الحرب العالمية الأولى أضعف من أن ترد ردا كاملا. وعندما أعلن الملك أمان الله (الذي حكم من عام 1919 إلى عام 1929) رسميا هذا الجهاد غير المحتمل بعد صراع عائلي على السلطة أعقب اغتيال أبيه الحاكم، حرص على وقوف الشيخ النقشبندي الجليل شاه أغا (المتوفى عام 1925) إلى جانبه قبل أن يبعث هذا الشيخ وأخاه شير أغا بصحبة قواته إلى المعركة،
108
ومقابل ما قدمه الأخوان من دعم، حصلا على أراض كبيرة في ضواحي كابل، وألقاب شرفية مثل «شمس المشايخ»، وعندما أطيح بالملك أمان الله في انقلاب، عين خلفه نادر شاه (الذي حكم من عام 1929 إلى عام 1933) شير أغا رئيسا للجنة القومية لعلماء الدين الجديدة، وأرسل أخاه الصوفي الثالث جول أغا سفيرا لمصر.
109
وعلى الرغم من أن النفوذ الصوفي كان لا يزال كبيرا في ثلاثينيات القرن العشرين، فقد شهدت العقود التالية تراجع النفوذ الصوفي في أفغانستان؛ فكما هو الحال في مناطق أخرى، فضل آخر الملوك الأفغان زاهر شاه (الذي حكم من عام 1933 إلى عام 1973) الحداثة العلمانية على التحالف مع الأولياء الأحياء، وفي الوقت نفسه بدأ المفكرون في الطبقة الوسطى الأفغانية الصغيرة يتأثرون بالأفكار الشيوعية القادمة من آسيا الوسطى السوفييتية المجاورة؛ ومن ثم اعتبروا الصوفيين عملاء للملوك، وبالرغم من ذلك كانت الصوفية لا تزال راسخة على نحو كاف في النظام الاجتماعي الأوسع نطاقا، لدرجة جعلت تحجيم النفوذ الصوفي أجندة للمصلحين الأفغان الدينيين والعلمانيين على السواء،
صفحة غير معروفة