وستشهد أيضا سياسية التنمية هذه التي حدثت في أوائل العصر الحديث شراء عبيد أفارقة للعمل في الأراضي؛ مما أسفر عن تكوين اقتصاد ديني طويل الأمد، قائم على الأولياء العرب والعبيد الأفارقة، استمر حتى الأوقات المعاصرة.
103 (9) أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: إمبراطورية سونجاي وسلطنة الفونج
شهد القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر أيضا دخول الصوفية إلى الدول الإسلامية الحديثة الناشئة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وعلى الأرجح كان ذلك هو الوضع في الدولة الإسلامية الأفريقية الأقدم في هذه الفترة؛ وهي إمبراطورية سونجاي (1464-1591)، الواقعة غرب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ حيث استخدمت الرموز الإسلامية لتبجيل الإمبراطور الذي منح قدرات إعجازية.
104
وعلى الرغم من أن دور الصوفيين في هذه التطورات غير واضح بسبب عدم توفر مصادر مبكرة عن إمبراطورية سونجاي، فإننا نعرف أن كثيرا من صوفيي شمال أفريقيا استقروا في مركز العلم والتجارة الرئيسي المتمثل في تمبكتو أثناء عصر إمبراطورية سونجاي. وسواء في الطرف الغربي أو الطرف الشرقي لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فقد كان اتجاه انتشار الصوفية من الشمال إلى الجنوب، خاصة بطول طرق التجارة والهجرة الرعوية التي وصلت شمالا من خلال الصحراء الكبرى إلى المغرب ومصر؛ ونتيجة لذلك، فقد كانت الطرق الصوفية ذات الوجود الكبير في شمال أفريقيا، مثل الشاذلية والقادرية، هي نفسها التي نقلت جنوبا.
105
على سبيل المثال: قدمت الطريقة الشاذلية إلى السودان النيلي على يد حمد أبو دنانة (الذي ازدهر نشاطه عام 1450)، التابع للجزولي الصوفي الشمال أفريقي.
106
إننا في هذا الصدد نتحدث فعليا عن مسافرين من التجار أو العلماء على حد سواء، جلبوا من الشمال مرة أخرى الانتساب إلى الطرق الصوفية وأفكارها. ومن هذا المنطلق، فقد كان وجود الصوفية الشاذلية والقادرية المبكر ممثلا في أفراد مهاجرين منتسبين لها وليس طرقا منظمة؛ ومن ثم، فما نشهده يتكون في أفريقيا هو «طرق» عائلية؛ أي عائلات مقدسة ذات نفوذ محلي، مرتبطة من حيث النسب بالطرق الأوسع نطاقا، المنتشرة في العديد من المناطق؛ مثل طريقة القادرية التي اكتسبت منها تلك العائلات المكانة في بيئاتها المحلية، مع استقلالها عنها من الناحية التنظيمية.
107
صفحة غير معروفة