التصوف - المنشأ والمصادر
الناشر
إدارة ترجمان السنة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
لاهور - باكستان
تصانيف
وأنه قال: إن الخلق كله مخلوق، والصوفي غير مخلوق، لأنه معدوم و، أو أن الصوفي من عالم الأمر، لا من عالم الخلق) (١).
ونقل العطار أيضا عن الجنيد أنه قال:
(الصوفي هو الذي سلم قلبه كقلب إبراهيم من حب الدنيا، وصار بمنزلة الحامل لأوامر الله، وتسليمه تسليم إسماعيل، وحزنه حزن داوود، وفقره فقر عيسى، وصبره صبر أيوب، وشوقه شوق موسى وقت المناجاه، وإخلاصه إخلاص محمد) (٢).
وقال الصوفي الهندي فريد الدين الملقب بكنج شكر: (إن التصوف أن لا يبقى في ملكك شيء، ولا يبقى وجودك في مكان.
وقال: إن أهل التصوف يقيمون صلواتهم على العرش يوميا.
وقال: إن الصوفي من لا يخفى على قلبه شيء) (٣).
فهذه هي تعريفات التصوف والصوفية لدى أعلام الصوفية وأقطابهم أنفسهم، ونقلناهم من كتبهم، تضاربت فيها أراء القوم، وتعارضت فيها أقوالهم، لا جمع بينهما ولا وفاق رغم ما ادعاه بعض المتأخرين، وحاولوا التوفيق ولكن دونه خرط القتاد، لأن كل تعريف مستقل عن التعريف الآخر، وحتى التعريفات العديدة التي صدرت عن شخص واحد تباعد بعضها عن بعض كل البعد وهذا التباعد ظاهر جليّ لكل من نظر فيها وقرأها تأمل وتدبر، وتحقق وتعمق.
ويجدر الإشارة ههنا إلى أن تعريفات التصوف المتعددة التي ذكرناها واخترناها من تعريفات كثيرة جدا تنبئ صراحة عن حقيقة إدعاء علاقة التصوف بالإسلام، وكونه روحه وعصارته (٤).
الأمر الذي سوف يفصل الكلام فيه، في الأبواب القادمة إن شاء الله تعالى.
_________
(١) تذكرة الأولياء للعطار ص ٢٨٨ وما بعد ط باكستان، أيضا أحوال وأقوال شيخ أبي الحسن الخرقاني (فارسي) الطبعة الثالثة ١٣٦٣ هجري قمري إيران.
(٢) تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار (أردو) تحت ذكر الجنيد ص ١٩٢ باكستان.
(٣) أسرار الأولياء ص ١٢٨، ١٢٩ ط باكستان.
(٤) أنظر الإنسان والإسلام لمحمد طاهر الحامدي، ومقدمه التعرف لمحمود أمين النواوي.
1 / 39