145

التصوف - المنشأ والمصادر

الناشر

إدارة ترجمان السنة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

لاهور - باكستان

تصانيف

بالتحقيق، واختار الاختيار من الله دعاه إلى الطريق، فتجرد من الأموال، والأغراض، وانتصب في قيام التوحيد للتهدف والأغراض، صار للمحن هدفا، وللبلاء غرضا، وزهد فيما عزله جوهرا كان أو عرضا) (١). (ومات ولم يترك دينارا ولا درهما) (٢). (وكفن في ثوبين مستعملين قديمين) (٣). وقال في آخر لحظاته من الحياة موصيا أهله وورثته: (أما إنّا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا وليس عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي، وهذا البعير الناضح، وجرد هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر وأبرئي منهن. ففعلت. فلما جاء الرسول بكى عمر حتى جعلت دموعه تسيل في الأرض ويقول: رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده) (٤). وعمر الفاروق ﵁ (ذو المقام الثابت المأنوق، أعلن الله تعالى به دعوة الصادق المصدوق، وفرق به بين الفصل والهزل، وأيد بما قواه به من لوامع الطول، ومهد له من منائح الفضل شواهد التوحيد، وبدد به مواد التنديد، فظهرت الدعوة، ورسخت الكلمة، فجمع الله تعالى بما منحه من الصولة، ما نشأت لهم من الدولة، فعلت بالتوحيد أصواتهم بعد تخافت، وتثبتوا في أحوالهم بعد تهافت، غلب كيد المشركين بما ألزم قلبه من حق اليقين، لا يلتفت إلى كثرتهم وتواطيهم، ولا يكترث لممانعتهم وتعاطيهم، إتكالا، اتكالا على من هو منشئهم وكافيهم، واستنصارا بمن هو قاصمهم وشافيهم، محتملا لما احتمل الرسول، ومصطبرا على المكاره لما يؤمل من الوصول، ومفارقا لمن اختار التنعم والترفيه، ومعانقا لما كلف من التشمر والتوجيه، المخصوص من بين الصحابة بالمعارضة للمبطلين، والموافقة في الأحكام لرب العالمين، السكينة تنطق على لسانه، والحق يجري الحكمة عن بيانه، كان للحق مائلا، وبالحق صائلا، وللأثقال حاملا، ولم يخف دون الله طائلا) (٥). و(كان بين كتفيه أربع رقاع، وإزاره مرقوع بأدم، وخطب على المنبر وعليه

(١) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للأصفهاني ص ٢٨، ٢٩ ط دار الكتاب العربي بيروت. (٢) طبقات بن سعد ج٣ ص ١٩٥. (٣) أيضا. (٤) أيضا ص ١٩٦. (٥) حلية الأولياء للأصفهاني ج١ ص ٣٨.

1 / 148