392

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

تصانيف

النقطة الثانية: علم من المباحث التي أجريت أن كمية المياه الممكن الحصول عليها بعد إنشاء خزان تانا تبلغ نحو 2800 مليون متر مكعب يصل منها إلى مصر حوالي 2200 مليون متر مكعب، كما عرف أن نسبة مياه بحيرة تانا إلى النيل الأزرق توازي 8٪ من مجموع إيراده، وهو يقدر بنحو 70٪ من مياه النيل جميعها.

وقد يعترض بعض بأن هذا القدر من المياه لا يتفق مع ما قدر له من النفقات، غير أن هذا القول على وجاهته الظاهرية لا يتفق وحقيقة الواقع، إذ إن حاجة مصر إلى مياه النيل الأزرق وبحيرة تانا تشتد في فصل التحاريق، وتكاد تلتمس مصر كل قطرة من المياه تجود بها المنابع في ذلك الوقت. ومن هنا تتضح لنا أهمية هذه الكمية بالنسبة لمصر، وخاصة إذا لاحظنا أن تعلية خزان أسوان الأخيرة التي قدرت لها ملايين الجنيهات لا ينتظر أن تزيد كمية المياه التي تأتي بها على 2500 مليون متر مكعب في أحسن سني الفيضان.

كذلك رأت اللجنة أن تقف على تاريخ فكرة إنشاء خزان على بحيرة تانا، والأدوار التي مرت به منذ أثير في سنة 1926، وسنتناوله بالتفصيل فيما يلي: (1)

في صيف سنة 1926 ذكرت التلغرافات أن هناك اتفاقا أبرم بين حكومات إنكلترا وإيطاليا والحبشة خاصا ببحيرة تانا، وقدم عن ذلك سؤال في البرلمان على أثر ما عم الخواطر من القلق، وقد أجاب المرحوم ثروت باشا بأن الحكومة جادت في العمل على الوقوف على جلية الأمر، وأنها لا تني في المحافظة على حقوق البلاد.

وفي سنة 1929 عقد في أديس أبابا مؤتمر من مندوبين ثلاثة، أحدهم إنكليزي يمثل السودان، والثاني يمثل شركة وايت التي وقع عليها اختيار جلالة إمبراطور الحبشة لدراسة المشروع، والثالث مندوب يمثل حكومة الحبشة.

وفي نهاية تلك السنة، اكتفت الحكومة المصرية بطلب الوقوف على ما دار من المباحثات في هذا الشأن. (2)

ظلت المسألة واقفة عند هذا الحد، حتى إذا ما أسندت الأمور إلى الحكومة الخالية وسارت في مشاريعها العامة، ومنها المشآت المائية على النيل لم تتوان في الاهتمام بالأمر وحسن التأهب له، وأخذت في مخابرة حكومة الحبشة حتى حملتها على دعوتها إلى الحضور في مؤتمر أديس أبابا الذي عقد في فبراير من السنة الحالية.

تلقت الحكومة الدعوة فبادرت إلى وضع التعليمات اللازمة لمندوبها في المؤتمر المذكور، وهي تعليمات محددة واضحة وغاية في الحكمة السياسية وبعد النظر، فوق ما بها من الاستمساك بحقوق مصر في النيل الأزرق وبحيرة تانا، مع المحافظة على رعاية الجوار وحسن العلائق، واتفق على أن يكون ممثلا مصر والسودان في صف واحد، وأهم هذه التعليمات ما يأتي: (1)

أن يوضح مندوبا مصر والسودان أن لا حاجة بهما الآن للمشروع، ولكنه مع ذلك يهمهما. (2)

أن تعرض الحكومة المصرية رغبتها في إتمام المباحث الهندسية حتى يمكن الوقوف على تكاليف الأعمال الإجمالية، وخاصة النقط الآتية: (أ)

صفحة غير معروفة