387

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

تصانيف

أما المكان الذي ينشأ فيه سد بحيرة ألبرت فهو حاجز من الصخر يوجد على بعد خمسين كيلومترا من مصب البحيرة في نيل ألبرت - وهو الاسم الذي يطلق على مسيل النهر في تلك الجهة - ويقولون في وزارة الأشغال إنه إذا تم ذلك أصبح من المتيسر التحكم في منسوب البحيرة على ارتفاع سبعة أمتار أو ثمانية، وإن كل متر من هذا الارتفاع يعادل نحو 550 مليون متر مكعب من الماء المدخر، وبذلك يكون الخزان معدا لنحو أربعين مليون متر مكعب من الماء.

وقال سير مردوخ مكدونالد: «إن بحيرة ألبرت يمكن تحويلها بلا كبير صعوبة لاستخدامها في هذه الغاية.» ثم قال عن المشروعات الثلاثة التي نحن بصددها: إن «كل ما لدينا من المعلومات يدل على أنها قابلة للتنفيذ وصالحة لإخراجها إلى حيز العمل، ولا غرو فإنها تمني بشكل جلي تدبير الكميات العظيمة من المياه اللازمة لمصر، كما أنها لا تشتمل على شيء من المشروعات البنائية التي لم تجرب في كثير من البلاد، زد على ذلك أنها كلها مبنية على الاستنتاج من المعلومات الثابتة ، وليست قط مبنية على شيء من النظريات التي لم تؤيد بالاختبار».

وختم سير مكدونالد كلامه عن هذه المشروعات الثلاثة بقوله: «إن منطقة السدود ستحرم في بعض السدود حرمانا باتا من المياه التي تساعد على إنماء ما فيها من مختلف النباتات، وإن ما يصلها من الماء في السنين الأخرى لن يتجاوز القدر الزائد عن الحاجة، وهذه المنطقة مترامية الأطراف وأراضيها بالنظر إلى موقعها ومناخها ومياه أمطارها أثمن من أن تترك مستنقعات على الدوام، فالمنتظر في المستقبل أن تصرف المياه عن جانب عظيم منها بحفظ جزء من المياه الزائدة عن الحاجة في خزان بحيرة ألبرت.

ومما سيساعد يومئذ على إتمام هذا التصرف مباشرة أعمال الموازنة على بحيرة فيكتوريا؛ حتى يتسنى منع مياه هذه البحيرة العظيمة من الانحدار إلى بحيرة ألبرت في الفترة الحرجة من موسم الفيضان، فإن مجرد ارتفاع بسيط في منسوب بحيرة فيكتوريا يعادل تخزين مليارات كثيرة من الأمتار المكعبة، ومتى حكم التوفيق بين عملي البحيرتين معا أصبح من المتيسر استجماع كل المياه التي تضيع الآن سدى بمنطقة السدود في سني الفيضانات العالية، ومن ثم تزول المستنقعات من تلك البقاع تماما، وإذا كان من المحتمل أن تصبح هذه البقاع أرضا مثمرة، وليس هناك ما يحمل على الارتياب في أنها سوف تتحول إلى إقليم ذي مراع خضراء أو مزارع نافعة أو غابات فسيحة بدلا من بقائها كما هي الآن غياضا وبيئة لا ينمو فيها إلا البردي والبعوض. وعليه فسيشهد السودان القاصي وأوغندا - حيث تقع بحيرة ألبرت - تعديلا فيما لهما من التأثيرات في مياه النيل، فيستمر الحسن منها وهو تخفيف وطأة الفيضانات العالية.

هذه هي البيانات التي رأينا نشرها عن مشروع تحويل بحيرة ألبرت خزانا للنيل؛ لتكون مرجعا لكل من يريد البحث في هذا الموضوع الخطير. (3) مشروع خزان تسانا

وكلت حكومات السودان والحبشة ومصر إلى شركة هويت الهندسية الأمريكية في عمل الأبحاث والمساحات لإنشاء القناطر على مخرج بحيرة تسانا، وإقامة طريق من السودان إلى أديس أبابا عاصمة الحبشة مارا ببحيرة تسانا.

قد اعتمدت وزارة الأشغال المصرية منح تلك الشركة خمسين ألف جنيه كنفقات لأعمالها التمهيدية. (3-1) مطامع الدول في الحبشة

بريطانيا العظمى وإيطاليا وفرنسا هي الدول التي تحيط مستعمراتها بالحبشة من جميع الجهات وتنافس على تمزيقها، وقد أبرمت عدة معاهدات ثلاثية بين الدول الثلاث وثنائية بين فرنسا وإنكلترا تارة وبين إنكلترا وإيطاليا تارة أخرى، لتنظيم استعمار تلك الإمبراطورية الواسعة: (1)

الإنكليز يحيطون الحبشة بمستعمراتهم الآتية: السودان المصري وكينيا وأوغندا والصومال البريطاني. (2)

الإيطاليون يتاخمون الحبشة بمستعمرتي الإرترية والصومال الإيطالي. (3)

صفحة غير معروفة