358

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

تصانيف

وكانت الحكومة المصرية في الوقت نفسه تفكر في سد على النيل الأبيض عند جبل الأولياء لغرضين؛ كبح جماح الفيضانات العالية التي يخشى إضرارها بمصر، وتخزين المياه لتنتفع بها مصر في فصل الصيف، وهو مشروع أخرته الحرب أيضا وإن نفذ فعلا شيء منه في سنة 1917 وما بعدها إلى سنة 1920.

ولقد قابلت مصر استئناف العمل في هذين المشروعين بعد الحرب بمناقشات علنية عنيفة وانتقاد مر، وكانت حملاتها في هذا السبيل موجهة على الأخص إلى الطعن في صحة المعلومات التي أسست عليها المشروعات، فكانت النتيجة أن ألجئت الحكومة المصرية في يناير سنة 1920 إلى تكوين لجنة للتحقيق عرفت بلجنة مشروعات النيل، وكان أعضاؤها ثلاثة اختارتهم حكومة الهند وجامعة كمبردج والولايات المتحدة، وجعل اختصاص هذه اللجنة إمداد الحكومة المصرية بالرأي في المشروعات التي وضعتها وزارة الأشغال العمومية تبقى بها زيادة ضبط ماء النيل ضبطا يعود بالفائدة على مصر والسودان، وطالبت الحكومة اللجنة بمعالجة المسائل الآتية على الأخص، وهي: (أ)

فحص المعلومات الطبيعية التي أسست عليها المشروعات وإبداء الرأي فيها. (ب)

صلاحية الطريقة التي بها يقسم بين مصر والسودان ما يترتب على هذه المشروعات في أدوار تنفيذها من زيادة في كمية المياه الممكن الانتفاع بها. (ج)

إبداء الرأي فيما تتحمله مصر وما يتحمله السودان من نفقات المشروعات ونفقات اللجنة. والمشروعات التي نحن بصددها مبينة في كتاب نشرته الحكومة المصرية عنوانه «ضبط النيل»، وهي السدان اللذان تقدم ذكرهما، وقنطرة في الوجه القبلي، ومشروع الاحتفاظ بمياه النيل في منطقة السدود وخزانات البحيرات الكبرى.

نشر تقدير لجنة مشروعات النيل في سنة 1921 فقرر صحة المعلومات التي اتخذت أساسا للمشروعات وأشار بتنفيذها. غير أن الحكومة المصرية قررت في مايو سنة 1921 أن يقف العمل في سد جبل الأولياء وما يتبعه لما رأت من جسامة النفقات التي قدرت له. أما حكومة السودان فأخذت برأي اللجنة وقررت المضي في مشروع ري الجزيرة.

ولم تستطع الأغلبية في لجنة مشروعات النيل أن تشير بشيء في إشكال تقسيم الماء الذي لا يزال مباحا، ولم يكن للجنة رأي في هذا الإشكال سوى ما أبداه مستر كوري العضو الأمريكي في اللجنة. على أن آراءه لم يعمل بها.

ولما رأت الحكومة البريطانية الحال التي أدت إلى تشكيل لجنة مشروعات النيل تعهدت في فبراير سنة 1920 بألا تزيد مساحة المنزرع في الجزيرة على الثلاثمائة ألف فدان إلا برأي الحكومة المصرية. وبهذا القيد نفذ مشروع ري الجزيرة. (4) الموقف الحاضر

يتكون القسم المعجل من المشروعات المبينة في كتاب (ضبط النيل) من ثلاثة مشروعات هي: (أ)

سد جبل الأولياء، والغرض منه زيادة الماء الذي تنتفع به مصر. (ب)

صفحة غير معروفة