سبل السلام
محقق
محمد صبحي حسن حلاق
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٣ هجري
مكان النشر
السعودية
تصانيف
علوم الحديث
ولما كانَ مطلقُ ورودِ حديثِ أنسٍ بنومِ الصحابةِ، وأنهمْ كانُوا لا يتوضئونَ ولو غطُّوا غطيطًا، وبأنهمْ كانُوا يضعونَ جنوبَهم، وبأنهمْ كانوا يُوقَظُونَ، والأصلُ جلالةُ قدرِهم، وأنهمْ لا يجهلونَ ما ينقضُ الوضوءَ، سِيَّما وقدْ حكاهُ أنسٌ عن الصحابةِ مطلقًا، ومعلومٌ أن فيهمُ العلماءَ العارفينَ بأمورِ الدينِ، خصوصًا الصلاة التي هي أعظمُ أركانِ الإسلامِ، وسِيَّما الذينَ كانُوا منهمْ ينتظرونَ الصلاةَ معهُ ﷺ؛ فإنَّهمْ أعيانُ الصحابةِ، وإذا كانُوا كذلكَ فَيُقَيَّدُ مطلقُ حديثِ صفوانَ بالنومِ المستغرِقِ، الذي لا يبقَى معهُ إدراكٌ، وَيُؤَوَّلُ ما ذكرهُ أنسٌ منَ الغطيطِ ووضعِ الجُنوبِ والإيقاظِ بعدمِ الاستغراقِ، فقدْ يغطُّ منْ هوَ في مبادئِ نومهِ قبلَ استغراقِهِ.
ووضعُ الجَنْبِ لا يستلزمُ الاستغراقَ؛ فقدْ كانَ ﷺ يضعُ جَنْبَهُ بعدَ ركعتي الفجرِ ولا ينامُ، فإنهُ كانَ يَقومُ لصلاةِ الفجرِ بعدَ وضعِ جَنْبِهِ، وإنْ كانَ قدْ قيلَ: إنهُ منْ خصائصهِ ﷺ أنهُ لا ينقضُ نومُهُ وضوءَهُ، [على أن عدم] (^١) ملازمةِ النومِ لوضعِ الجنْبِ معلومةٌ، والإيقاظُ قدْ يكونُ لمنْ هوَ في مبادئِ النومِ فينبَّهُ لئلَّا يستغرقَهُ النومُ.
هذَا وقدْ أُلحِقَ بالنومِ الإغماءُ والجنونُ والسُّكرُ بأيِّ مُسْكِرٍ، بجامعِ زوالِ العقلِ. وذكرَ في الشرحِ أنهمُ اتفقُوا على أن هذهِ الأمورَ ناقضةٌ، فإنْ صحَّ كانَ الدليلُ الإجماعَ (^٢).
المستحاضة تتوضأ لكل صلاة
٢/ ٦٢ - وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: جَاءتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبيِّ ﷺ، فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ
(^١) في النسخة (ب): "فعدم".
(^٢) قال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص ٣١ رقم ٢): "وأجمعوا على أن خروج الغائط من الدُّبُر، وخروج البول من الذَّكرِ، وكذلك المرأة، وخروج المني، وخروج الريح من الدُّبُر، وزوال العقل بأي وجه زال العقل، أحداث، ينقض كل واحد منها الطهارة، ويوجب الوضوء" اهـ.
1 / 253