ونسبتُه «الدَّارَقُطْنيُّ»: إلى مَحَلَّةِ «دارِ القُطْن» ببغدادَ (١) .
كان مولدُه ببغدادَ سنة ستٍّ وثلاثِ مئةٍ كما أخبرَ هو عن نفسِه، ونقله عنه أبو عبد الرحمن السُّلميُّ في كتابنا هذا (٢) . وقيل: وُلدَ سنة خمسٍ وثلاثِ مئةٍ، ورجَّح الخطيبُ البغدادي (٣) الأوَّلَ.
نشأتُه وطَلَبُه للعِلم:
بدأ الدارقطنيُّ بطلب العلم وهو ما يزال فتىً صغيرًا، فقد كان بَدءُ كتابته للحديث في أوَّل سنة خمسَ عشرةَ وثلاثِ مئةٍ كما أخبر هو عن نفسِه، ونقله عنه البَرقانيُّ (٤) . وروى ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" من طريق القوَّاس قال: «كنا نمرُّ إلى ابن مَنيع، والدارقطنيُّ صبيٌّ يمشي خلفَنا بيده رغيفٌ عليه كامَخ (٥)، فدخَلنا إلى ابن مَنيع ومنعناه،
_________
(١) قال السمعاني في "الأنساب" (٢/٢٠٦): «الدَّارَقُطْنيّ: بفتحِ الدَّالِ المهملةِ، بعدها الألفُ، ثم الراءُ، والقاف المضمومة، والطاء المهملة الساكنة، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى "دارِ القُطن"، وهي كانت مَحَلَّةً بـ"بغدادَ" كبيرةً خَرِبتِ الساعةَ، كنتُ أجتازُ بها بالجانبِ الغربيِّ، وأراني صاحبُنا الشيخ سعد الله بن محمد المقرئ مسجدَه في دار القُطن» .
وقال الأستاذ محمود مصطفى في "إعجام الأعلام" (ص١٠٨): «كان حق النسبة أن تكونَ إلى «دار» وحدَها، فإن خِيفَ اللَّبْسُ تكون إلى «قطن» . ولا تبيح العربية غيرَ هذين. فأما النسبةُ إلى المركَّب الإضافي كلِّه فغير معروفة. ويظهر أنهم لما نسبوا إليه كاملًا توهَّموا أنه صار مُركَّبًا مَزْجيًّا؛ لذلك فتحوا آخر صَدْره» .
(٢) النص رقم (٤١) .
(٣) "تاريخ بغداد" (١٢/٤٠) .
(٤) "سؤالات البرقاني" (ص٤٨) .
(٥) الكامخ- بفتح الميم وتكسر أيضًا-: إدامٌ، أو ما يُستعمَل لتشَهِّي الطعام من المُخَلَّلات وغيرها، وهو لفظٌ فارسيٌّ معرَّب، أصله: «كامه» .
انظر: "تاج العروس" (ك م خ) .
1 / 12