دراسات في أصول اللغات العربية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة-العدد الثالث-رجب ١٣٩٤هـ
سنة النشر
فبراير ١٩٧٤م
تصانيف
حُكي عن الشرقي بن قطامي أنه قال١: "إن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا جرهم وحمير".
وانظر إلى آثار حكمة الله ﷿ العظيمة لما اصطفى لغة هذه الأمة لتكون وعاءً (لكلامه المقدس) سخر لها من عوامل النماء والنقاء ما لم يتوفر لأي لغة أخرى:
أولًا: بيئة جغرافية نقية - صحراوية - بعيدة لوعورتها عن مختلف البيئات الأخرى وهذه البيئة هي أواسط جزيرة العرب التي اختارها الله مركزًا للّغة المصطفاة المتكاملة في خصائصها وثروتها اللغوية.. والتي تشمل نجدًا والحجاز.
ثانيًا: أوحى ﷿ إلى نبيه - إبراهيم الخليل - وهو بابلي من العراق أن يرحل بزوجه - هاجر - وهي مصرية ليتركها مع وليدها - إسماعيل - في هذه الأرض القاحلة الصحراوية من أرض الحجاز، ثم يتم اتصال - هاجر - بقبيلة جرهم فكأنما صبت الأصول: البابلية، المصرية، العربية البائدة في بوتقة واحدة لتفتق عربية إسماعيل..
ثالثًا: ثم يسخر الله ﷿ لذرية إسماعيل - العدنانيين - عاملًا آخر مهمًا من العوامل التي ساعدت على نماء لغتهم وهي هجرة - القحطانيين - بعد انهيار سد مأرب واختلاطهم بهم..
فبقيت هذه اللغة - العدنانية - تأخذ طريقها إلى النمو والتصاعد لتشكل في نهاية الأمر اللغة العربية الرئيسية المتكاملة التي بقيت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بينما أخذت اللغات الأخرى ومنها (الحميرية) طريقها إلى الانقراض.. حتى لم يبق اليوم إلا بقايا أثرية في الأطلال والنقوش وكتب اللغة..
_________
١ رواه ابن هشام وذكره ابن حجر في فتح الباري ٦-٤٠٣.
1 / 132