دراسات في التصوف
الناشر
دار الإمام المجدد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
تصانيف
فهذه نبذة يسيرة عن رسول الله ﷺ في ذلك، وإن الله أوجب الجمعة على المسلمين بقوله:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (١).
كما فرض رسول الله ﷺ استماع الخطبة والحضور في العيدين.
ولكن القوم الذين يعدّون التصوف من دين الله بل أصل الدين وأساسه وسببًا لقربه وولايته ولا يرون شيئًا من ذلك. فأولا لا يحضرون الصلوات إطلاقًا ولا يرون للمسجد قيمة وشأنًا كما نقل الشعراني في طبقاته:
" كان الإمام الحسن بن سمعون ﵁ أمامًا زاهدًا ورعًا قلما يخرج من بيته إلا في أيام الجمع لأجل الصلاة، وطول نهاره في قعر بيته ﵁ " (٢).
وذكر ظهير الدين القادري أيضًا صوفيًا ما كان يخرج من منزله إلا للجمعات فيقول:
" كان ورعًا متدينًا كثير العبادة منقطعًا في منزله من الناس لا يخرج إلا في الجمعات " (٣).
وليس ترك الجماعة فقط، بل الجمعة أيضًا كما ذكر المنوفي الحسيني عن الصوفي المصري الذي قال فيه " هو الولي المجذوب العالم القطب الشريف الشاذلي " فيذكر عنه أنه " ما كان يخرج من بيته إلا كل أسبوع لزيارة المشهد الحسيني وكان يخرج في موكب يذكر الله هو وإخوانه حتى إذا وصل إلى المسجد الحسيني كثر أنضمام الناس إليه وتزاحموا فيدخل بهم إلى صحن المسجد فيذكرون الله جميعًا " (٤).
فلم يكن غرض خروج هذا الصوفي من بيته إلا زيارة المشهد الحسيني، فأين
(١) سورة الجمعة الآية ٩. (٢) طبقات الشعراني ج ١ ص ٦٨. (٣) الفتح المبين لظهير الدين القادري ص ٩١ ط. (٤) جمهرة الأولياء لأبي الفيض المنوفي الحسيني ج ٢ ص ٢٦٥ ط مؤسسة الحلبي القاهرة الطبعة الأولى ١٣٨٧ هـ.
1 / 93