دراسات في علوم القرآن - محمد بكر إسماعيل
الناشر
دار المنار
رقم الإصدار
الثانية ١٤١٩هـ
سنة النشر
١٩٩٩م
تصانيف
المبحث الثاني: نشأة علوم القرآن وتطورها
١- كان الرسول ﷺ، وأصحابه يعرفون عن القرآن وعلومه، ما عرف العلماء، وفوق ما عرف العلماء من بعد.
أما الرسول ﷺ، فقد كان يعلم من القرآن ظاهره وباطنه، ومحكمه ومتشابهه، وعامَّه وخاصَّه، ومطلقه ومقيده، وغير ذلك من الأمور الجلية والخفية، التي اشتملها هذا الكتاب العظيم.
فقد كتب الله على نفسه الرحمة ليجمعنَّه له في صدره، وليطلق لسانه بقراءته وترتيله، وليميطنَّ اللثام عن معانيه وأسراره.
قال جل شأنه في سورة القيامة: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ١.
وأما أصحابه، فقد نهلوا من معينه، فعلموا منه بقدر طاقتهم ما أعانهم على فهم ما يتعلق بشئون دينهم ودنياهم، وعرفوا من أقواله وأفعاله ﷺ مراد الله تعالى من كلامه المنَزَّل، أعان بعضهم بعضًا على ذلك، بعد أن لقي الرسول ﷺ ربه، فكان منهم يسأل الآخر عَمَّا غمض عليه فهمه، أو جهل حكمه.
وكان منهم من دعا له الرسول ﷺ بالعلم والفقه؛ كابن عباس ﵄، والخلفاء الأربعة، وعبد الله بن مسعود، وأُبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبي موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم.
وكان الصحابة عربًا خُلَّصًا، متمتعين بجميع خصائص العروبة ومزاياها الكاملة من قوة في الحافظة، وذكاء في القريحة، وتذوق للبيان، وتقدير
_________
١ آية: ١٦-١٩.
1 / 13