صراع مع الملاحدة حتى العظم
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
أو بعبارة أخرى: جميع خلايا مُخه - تبقى بصفة دائمة، وهذا الواقع يثبت بصراحة أن عقل الإنسان ليس بجزء من جسمه، فإن جميع خلايا وأنسجة الجسم تتغير تغيرًا كاملًا في بضعة أعوام، ولكن سجل اللاشعور لا يقبل أي تغير أو مغالطة أو شبهة على رغم مرور مئات السنين. ولو كان هذا السجل الحافظ كائنًا في الجسم فلا أدري أين مكانه منه؟ وفي أي جزء يكمن على وجه الخصوص؟ ولو كان في أحد أجزاء هذا الجسم فلماذا لا يزول عندما تزول هذه الأجزاء بعد سنوات عديدة؟ ما أعجب هذا السجل الذي تتحطم جميع لوحاته تلقائيًا، ولكنه لا يفنى ولا يزول؟!
إن هذه البحوث الجديدة في علم النفس تؤكد بصفة قاطعة أن الوجود الإنساني لا تنحصر حقيقته في ذلك الجسم المادي الذي يخضع دومًا لعمليات التحكم والاحتكاك والفناء، بل هو شيء آخر غير هذا كله، وهو لا يفنى، بل يبقى مستقلًا ولا يزول".
فقضية الحياة لا تفسر إلا بالحقيقة التي تقررها المفاهيم الدينية، بالروح التي هي من نفخ الله، وهذه الروح تبقى بعد فناء الجسد، وتبقى بعد الموت، لأن الموت إنما هو انفصال كامل للروح عن الجسد.
(٦)
نقض توهمات منكري الحياة الأخرى
لدى البحث عن المستندات الفكرية التي يستند إليها منكرو الحياة الآخرة يتبين لنا أنهم لا يملكون أية مستندات فكرية صحيحة، إنما هم بين العناد والتوهم.
أما العناد فهو مذهب المكابرين الذين لا ينفع معهم الجدل المنطقي، والمناظرة العلمية.
وأما التوهم فهو طريقة كثير من المنكرين الذين يندفعون وراء توهمات يتصورونها أدلة، وليست هي بأدلة.
إن الحياة الأخرى ليست من المستحيلات العقلية حتى يجحدوها الجاحدون
1 / 186