صراع مع الملاحدة حتى العظم

عبد الرحمن حبنكة الميداني ت. 1425 هجري
166

صراع مع الملاحدة حتى العظم

الناشر

دار القلم

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

مكان النشر

دمشق

تصانيف

وبعد الابتلاء لا بد من الجزاء، والجزاء الأمثل قد ادخره الله لحياة أخرى غير هذه الحياة الدنيا. فالإيمان باليوم الآخر ركن أساسي من أركان الإيمان يأتي في التسلسل الفكري بعد الإيمان بالله تعالى وبكمال صفاته وعظيم حكمته. (٤) الإيمان بالآخرة مبدأ ضروري لسعادة الجماعة الإنسانية إذا نظرنا إلى مشكلة السلوك الإنساني وجدنا أن سعادة الجماعة الإنسانية مرهونة بضوابط سلوك الإنسان، وحينما نبحث عن الضوابط التي يمكن أن تضبط سلوكه نجدها ضوابط ضعيفة وناقصة، إلا ضابطًا واحدًا هو مراقبة الله والخوف من عقابه يوم الدين. وبهذا التحليل تغدو قضية الإيمان باليوم الآخر ضرورة إنسانية لحل مشكلة الجنوح الإنساني، ولمنح المجتمعات الإنسانية أفضل صورة ممكنة من السعادة الجماعية في ظروف هذه الحياة، ولدفع الإنسان إلى فعل الخير والارتقاء في سلم الفضائل الفردية والجماعية. قد يقول المعارضون: نستعيض عنها بالقانون وسلطة الحكم. ولكن نقول لهم: فمن يضبط السلطة الحاكمة عن الجنوح وبيدها القوى المادية المسيطرة، التي تمنحها كل الوسائل الصالحة للاستبداد وظلم العباد؟ إذا لم تكن هذه السلطة ملجمة بلجام الخوف من الله وجزائه العادل فإنها تفعل ما تهوى دون ضابط. على أن الإسلام قد حاصر الجنوح بالإيمان والخوف من عقاب الله، وبالشرائع وسلطة الحكم الإسلامي، إضافة إلى الوسائل التربوية الأخرى. وقد يقول المعارضون: نستعيض عن قضية الإيمان باليوم الآخر بالضمير الأخلاقي.

1 / 180