وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
بل هو معصوم قبل البعثة، وفي الحديث عن عليّ ﵁ قال: " سمعت رسول الله ﷺ يقول: " ... فوالله ما هَمَمْتُ بعدها أبدًا بسوء ممّا يعمل أهل الجاهليّة حتّى أكرمني الله تعالى بنبوّته " (^١).
قولهم: إذا لم يكن للنَّبيِّ ﷺ ذنب، فماذا غفر الله له؟!
أعطى الله تعالى لنبيّه محمّد ﷺ أمَانًا فعاش ﷺ آمنًا مطْمَئنّ النّفس، قال تعالى: ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢)﴾ [الشّرح] وهذه الآية الكريمة الّتي تبيّن مقام النَّبيِّ ﷺ المحمود عند الله تعالى، أشكل فهمها على البعض وظنّ أنّ للنَّبيِّ ﷺ أوزارًا وذنوبًا حطّها الله عنه.
ومن الآيات التي يوهم ظاهرها أنّ للرسول ذنوبًا وأشكل فهمها عليهم واحتجّوا بها، قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ... (٢)﴾ [الفتح].
وقد رأيت من يخوض في هذه الآية الكريمة ونظائرها بغير سلطان، فتذكرت قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ... (٦٨)﴾ [الأنعام] وقوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١)﴾ [الأنعام] وخلاصة احتجاجهم قولهم: إذا لم يكن للنَّبيِّ ﷺ ذنب، فماذا غفر الله تعالى له؟ وبأيّ شيء امتنّ عليه في ذلك؟
والجواب، أنّ قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ... (٢)﴾ [الفتح] يُسْتَدَلُّ به على عصمة النَّبيِّ ﷺ عن المعاصي، أمّا من أشكل عليه فهم الآية، وتوهّم أن الغفران يستوجب وقوع الذّنب منه ﷺ، فالجواب أنّ غفران ما تقدّم هو العفْوُ
(^١) الحاكم " المستدرك " (ج ٤/ص ٢٤٥) كتاب التّوبة والإنابة، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وذكر نحوه النّووي في " تهذيب الأسماء واللغات " (ص ٨٥) فصل في رضاعه ومرضعاته.
1 / 84