وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
بل نحن مأمورون باتّباع الرّسول والصّحابة أيضًا، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)﴾ [النّساء] فالله تعالى لمّا توعّد من يخالف الرّسول ﷺ لم يقتصر وإنّما عطف عليه الصّحابة، وتوعّد من يخالف سبيلهم؛ فهم على هدى من ربّهم، قال تعالى في حقّهم: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... (٩٠)﴾ [الأنعام].
ويقول تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ... (٨٣)﴾ [النّساء] وأولو الأمر في الآية ذوو الرأي من كبار الصّحابة ﵃.
ولذلك يقول النَّبيُّ ﷺ: " ... فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديين عضّوا عليها بالنّواجذ " (^١).
وإذا كان القرآن كالشّمس في ضحاها، فإنَّ سُنَّة النَّبيِّ ﷺ كالقمر إذا تلاها، وسنّة أصحابه ﵃ كالنّهار إذا جلاّها! وذلك أنّ الصّحابة رأوا النَّبيَّ ﷺ وسمعوا منه، وليس من رأى وسمع كمن لم ير ولم يسمع، فللصّحابة من الفهم عن رسول الله ﷺ ما ليس لأحدٍ ممّن جاء بعدهم، ولهم من العلم مكانة لا يستطيع أحد من الخلف مساواتهم فيها وهذا يوجب علينا الرّجوع إليهم قبل غيرهم في بيان القرآن والسّنّة.
ومن هنا نفهمُ قوله ﷺ في تعيين الفرقة النّاجية " ما أنا عليه وأصحابي " (^٢) ذلك أنّ الصّحابة كانوا على ما كان عليه النَّبيُّ ﷺ من الهدى، فلم يكن للصّحابة من كتاب يتفقّهون به غير القرآن، ولا من كلام يتدارسونه غير كلام الله ورسوله ﷺ.
(^١) الحاكم " المستدرك " (ج ١/ص ٩٦) كتاب العلم، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علّة. (^٢) التّرمذي " الجامع الكبير " (م ٤/ص ٣٨١/رقم ٢٦٤١) أبواب الإيمان، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسنٌ غريب مُفَسّرٌ لا نعرفه مثل هذا إلاّ من هذا الوجه.
1 / 75