وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
قال له: كذبتَ، نعيمُ الجنّة لا يزول، فقال لبيد: والله يا معشر قريش ما كانت مجالسكم هكذا، فقام سَفِيهٌ من قريش، فلطم عَيْنَ عثمان، فاخضرت، وكان قبل ذلك في جوار الوليد بن المغيرة فردّه عليه، فقال له من حضر من قريش: والله لقد كنت في ذمّة منيعة وكانت عينك غنيّة عمّا لقيت، فقال: جوارُ الله آمنُ وأعزّ، وعيني الصّحيحة فقيرة إلى ما لقيت أختها، ولي برسول الله - ﷺ - ومن آمن معه أسوة وكان ذلك قبل إسلام لبيد (^١).
ولبيد بن ربيعة ﵁ صحابيّ جليل، قال الشّعر في الجّاهليّة دهرًا، ثمّ أسلم وحسن إسلامه، وقد عمّر طويلًا، وهو من أصحاب المعلّقات (^٢).
وكانت عائشة ﵂ تحبّ أن تتمثّل بعض أبياته؛ فقد أخرج البخاري عن الزبيدي، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة ﵂، قالت: " يا وَيْحَ لبيد حيث يقول:
ذهب الّذين يُعَاشُ في أكنافهم ... وبقيت في خَلفٍ كجِلْدِ الأجْرَب
فكيف لو أدرك زماننا؟ قال عروة: رحم الله عائشة، كيف لو أدركت زماننا؟! قال الزّهري: رحم الله عروة، كيف لو أدرك زماننا؟! قال الزبيدي: رحم الله الزهري، كيف لو أدرك زماننا؟! " (^٣).
ومن الشّعراء الّذين كانت لهم مقالة، ثمّ أسلموا وحسن إسلامهم الصّحابيّ الجليل كعب بن زهير، أسلم ﵁ حين علم من أخيه بجير أنّ النَّبيَّ - ﷺ - يَهمُّ بقتل كلّ من يؤذيه من شعراء المشركين، وأنّه - ﷺ - لا يَقتُلُ أحدًا جاء تائبًا، فقدم كعب المدينة، ثمّ أتى رسول الله - ﷺ ـ، فقال يمدح النّبيَّ - ﷺ - ويعتذر:
(^١) الشّنقيطي " الدّرر اللوامع على همع الهوامع " (ج ١/ ص ٢). (^٢) انظر ترجمته وأخباره في " الإصابة " (م ٣/ج ٦/ص ٤/رقم ٧٥٣٥) و" شرح المعلّقات العشر وأخبار شعرائها " للشّنقيطي (ص ١٠٧). (^٣) البخاري " التّاريخ الأوسط " (ص ٣١/ رقم ٢١٠).
1 / 57